ثورة أون لاين – ريم صالح:
وزارة الحرب الأميركية “البنتاغون” تشكل الذراع العسكري للبيت الأبيض، وتنفذ كل حروب أميركا الخارجية، وترتكب أبشع جرائم القتل والمجازر بحق الشعوب، وجريمة مينابوليس العنصرية وتداعياتها كشفت جانبا آخر من مهام هذه الوزارة، وهي الإشراف على قتل المواطنين الأميركيين أنفسهم عندما ينتفضون احتجاجا على سياسات البيت الأبيض الداخلية، وتصريح وزير الحرب الأميركي مارك اسبر بأن “قوات حفظ النظام يجب أن تسيطر على ساحة المعركة، تترجم بشكل واضح نزعة القوة والبطش التي تستند إليها الإدارات الأميركية لقمع مواطنيها، فاستخدام اسبر لعبارة “ساحة المعركة” في ظل قمع الشرطة المفرط للمحتجين تعني بكل وضوح أن المواطنين الأميركيين هم الأعداء، أي أعداء البيت الأبيض، وهذا في المحصلة يعني أيضا أن ترامب وكما الإدارات الأميركية السابقة يستخدمون “البنتاغون” لغاياتهم السياسية الانتخابية، وكسلاح فتاك يشهرونه بوجه من يعارضهم من المواطنين الأميركيين.
اسبر الذي ظهر ورئيس الأركان الأميركي مارك مايلي إلى جانب ترامب عندما توجه سيرا على الأقدام إلى كنيسة سانت جون بالقرب من البيت الأبيض لالتقاط صورة أمام الكنيسة وهو يحمل الكتاب المقدس، بعد دقائق من تفريق الشرطة بوحشية لمتظاهرين كانوا يحتجون أمام البيت الأبيض، شرع لإدارته استخدام كل أنواع البطش والتنكيل ضد شعبه المنتفض بوجه التمييز العنصري، وحتى ترامب نفسه امتدح أساليب البطش والقوة المفرطة تلك، فيما المفارقة الغريبة والعجيبة هي إن إدارة ترامب نفسها استخدمت كل أنواع الكذب والتضليل لتشويه صورة الجيش العربي السوري لأنه يحارب الإرهاب المنظم والممنهح الذي تدعمه أميركا ودول الغرب الاستعماري للنيل من وحدة وسيادة سورية.
استخدام القوة الغاشمة ضد الملونين السود في أميركا، ولقمع احتجاجات الغضب المشتعلة التي تطالب بالعدالة هي مشروعة وفق المفهوم الأميركي المتغطرس، بينما تصبح الصورة مختلفة تماما وفق ذاك المفهوم عندما يواجه الجيش العربي السوري مئات آلاف الإرهابيين، جندتهم أميركا من كافة أصقاع الأرض، وأنشأت لهم معسكرات تدريب، ومدتهم بأشد الأسلحة فتكا، وجندت من أجلهم أنظمة إقليمية ودولية للإشراف على عمليات القتل الممنهجة التي يرتكبونها بحق الشعب السوري، فهذا هو العرف الأميركي الذي يريد ترامب تعميمه على العالم.
وهنا يتجلى الفرق الواضح بين الإدارة الأمريكية ونظامها العنصري التي أوعزت لجيشها بقتل الشعب الأمريكي المنتفض ضد كل السياسات العنصرية والإقصائية، وبين الحكومة السورية وبواسل الجيش العربي السوري الذين لم يبخلوا يوماً بدمائهم الزكية من أجل الدفاع عن أرضهم، وحماية حرية وسيادة وطنهم، والحفاظ على عزة وكرامة وحياة أبناء شعبهم.
هي مفارقة واضحة إذن.. ففي سورية جيش عربي سوري الهوى والانتماء، يصون الأرض والعرض والوطن والمواطن، ومع ذلك يتعرض لعدوان إعلامي وسياسي أمريكي وغربي مضلل يتضمن شحنات هائلة من الأكاذيب والتلفيقات والافتراءات، في محاولة بائسة لجره إلى حظيرة الخانعين والمطبعين، وفي الولايات المتحدة رئيس وإدارة عنصرية حولوا البلاد عن سابق تصميم وترصد إجرامي إلى ساحة معركة، حيث يباح لهم قتل أي محتج، والدوس على عنقه، وإزهاق روحه على مرآى ومسمع الشاشات والعدسات الإعلامية والأقمار الصناعية.
هي سخريات القدر تعري البلطجي الأمريكي اليوم وتفضح إرهابه العنصري المقيت ضد شعبه، فترامب أطلق العنان لجرائمه الموصوفة، وقالها هكذا دون مواربة: القتل وإطلاق النار والغاز المسيل للدموع بانتظار المحتجين، لا بل إنه مضى أبعد من ذلك بكثير عندما أشار إلى المادة الثانية من الدستور التي تكفل للمواطنين الأمريكيين الحق بامتلاك السلاح، وحديثه عن الالتزام بالقانون، الأمر الذي فسره محللون أنه يعد بمثابة رسالة استدعاء واضحة لقاعدة مؤيديه من المتطرفين الذين احتشدوا قبل نحو شهر أمام مقر المحكمة في ولاية ميشيغان حاملين بنادقهم الآلية دون أن يواجهوا أي رد فعل من الشرطة.