الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
تصادف اليوم الذكرى الماسية أو العيد الماسي لتأسيس الجيش العربي السوري الذي يخوض منذ أكثر من تسع سنوات أشرس معركة في تاريخه ضد أعتى مشاريع الهيمنة والعدوان والإرهاب وأدواتها من قوى التطرف والتكفير والإجرام التي باعت نفسها لأميركا والكيان الصهيوني والنظام التركي، وجعلت نفسها رأس حربة هذه المشاريع المدمرة، حيث استطاع جيشنا البطل (حامي الديار) بمؤازرة ودعم من حلفائه تقويض المخطط المعادي وإلحاق الهزيمة به، وهو الآن لا يزال يرابض على خطوط النار فيما تبقى من المناطق المحتلة، منافحاً ومقاتلاً وساهراً مع سلاحه لاستكمال إنجازه العظيم بتحرير كل شبر من أرضنا المقدسة من كل الأعداء ــ وكلاء كانوا أم أصلاء ــ وإعادة سلطة الدولة كاملة على كل حبة تراب وطأها محور العدوان وأدواته وعملاؤه.
لقد شكّل جيشنا العربي السوري الباسل منذ تأسيسه في الأول من آب عام 1945 ضمانة الاستقلال والسيادة والكرامة وكان عنوان الأمن والاستقرار والأمان لكل أبناء شعبنا، لأنه كان على الدوام جزءاً لا يتجزأ من الشعب الذي آمن بدوره ووقف خلفه في أحلك الظروف وأشرس المعارك، ليكتبا معاً قصة البطولة والصمود والمقاومة والانتصار، ولا عجب أن ظل جيشنا طوال خمسة وسبعين عاماً المؤسسة الوطنية الأكثر قرباً من الشعب بحكم مكانها ودورها، فمقراته وثكناته الموجودة في أغلب المدن والقرى السورية تبعث الشعور بالأمن والاستقرار في نفوس المواطنين، وتخلق شعوراً بالعزة والقوة والمنعة، ولذلك كان “حماة الديار” اللقب الأكثر التصاقاً بأبناء الجيش العربي السوري وأكثر تعبيراً عن الدور الوطني المنوط بهم.
لقد عُرف جيشنا العربي السوري أيضاً بـ”الجيش العقائدي” بسبب التزامه بقضايا أمته العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية حتى لقبه الكثيرون بجيش العرب، فقد خاض منذ أن كان فتياً حرب إنقاذ فلسطين من العصابات الصهيونية عام 1948وسطر أبناؤه بطولات لا تمحى من الذاكرة، ولولا تآمر الأقربين ودعم قوى كبرى لهذه العصابات لما نجح الصهاينة في إنشاء كيانهم المجرم على أرض فلسطين، كما شارك أبناؤه في الذود عن حياض الشقيقة مصر أثناء العدوان الثلاثي عام 1956، فسطر البطل جول جمال الطالب الضابط البحري آنذاك أروع صفحات البطولة والفداء بهجومه الاستشهادي عبر طوربيد على البارجة الفرنسية المعتدية جان دارك، وكان لجيشنا الدور الأبرز في إقامة الوحدة الأولى في تاريخ العرب بين سورية ومصر عام 1958، وهو الذي أجهض التيار الانفصالي المعادي للوحدة بثورة مظفرة عام 1963، كما خاض حرب تشرين التحريرية عام 1973 رداً على نكسة حزيران إلى جانب الجيش المصري الشقيق حيث ظهر فيها الجندي العربي السوري إلى جانب شقيقه المصري بأنصع صور البطولة والتضحية محطمين معاً أسطورة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي تم الترويج والدعاية له بأنه لا يقهر.
ولأن سورية كانت دائماً في قلب الأحداث العربية ـ بحكم استهدافها المباشر ـ فقد حضرت في لبنان لإطفاء نيران الحرب الأهلية التي أشعلها عملاء المشروع الصهيوني عام 1975، ولعبت الدور الأبرز في إنقاذ لبنان من محنته وحماية سلمه الأهلي وإنشاء جيشه الوطني، إلى جانب مواجهتها بشكل مباشر كل الاعتداءات والاجتياحات المتكررة التي شنها العدو الصهيوني ضد لبنان، حيث قدم جيشنا البطل ما ينوف على خمسة عشر ألف شهيد على التراب اللبناني في معركة طويلة وشرسة انتهت بهزيمة جيش الاحتلال الإسرائيلي ومشروعه عام 2000 على يد مقاومة وطنية لبنانية شريفة احتضنتها سورية وجيشها طيلة هذه السنوات، وقدمت لها كل ما تحتاجه من عناصر القوة والدعم، لتتمكن هذه المقاومة البطلة في مثل هذه الأيام عام 2006 من أن تهزم العدو الصهيوني بمفردها، وتحقق انتصاراً عظيما أذهل العالم وأربك المحتلين، انتصاراً ما كان ليتحقق لولا الدعم والمساندة التي قدمها الجيش العربي السوري لرجال المقاومة اللبنانية أثناء تصديهم لعدوان تموز.
كما شكّل جيشنا البطل في السنوات التسع الماضية لغزاً حيّر دهاة المحللين والاستراتيجيين العسكريين بسبب ثباته وصموده وتماسكه في وجه أعتى المؤامرات التي استهدفته واستهدفت سورية، وذلك بعد أن تمكن من دك أوكار الإرهابيين ودحر عصاباتهم المسلحة وردها إلى جحورها في أغلب المدن والقرى السورية بالرغم من الدعم الهائل الذي تتلقاه هذه العصابات من دول عربية وإقليمية وعالمية.
واليوم يثبت أبناء جيشنا بأدائهم الوطني البطولي الرفيع واستماتتهم في الدفاع عن كل شبر من أرضهم الطاهرة أنهم أحفاد ملحمة ميسلون التي قادها الشهيد البطل يوسف العظمة قبل مئة عام، وأنهم الأوفياء على حماية هذا الإرث العظيم من التضحيات والبطولات والمآثر الخالدة، ليبقوا المؤسسة الوطنية الأكثر متانة وقوة ومصداقية في حماية السيادة والاستقلال والكرامة، وإذ نحتفل اليوم بالعيد الماسي للجيش العربي السوري نرفع أسمى آيات الإجلال والتقدير والتقديس لأرواح الشهداء الأبرار الذين ارتقوا على كل الجبهات وفي كل معارك الشرف.. ونقول بملء فمنا للأبطال الذين ما زالوا مرابطين على الجبهات والساهرين على أمن الوطن واستقراره.. حماة الديار عليكم السلام والتحية وأنتم تكتبون في كل يوم عناوين العزة والكبرياء والنصر بأحرف من نور.
