الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
بعد البيان المشترك الذي أصدرته كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تنوي الاستسلام أبداً، وقد رفضت هذه الدول حسب البيان، خطة الولايات المتحدة لإعادة فرض العقوبات على إيران.
وقد اتّهم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في تغريدة له على تويتر, الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة بالوقوف إلى جانب إيران قائلاً إنّ: “أمريكا لن تستسلم” فيما يتعلق بإعادة العقوبات على الجمهورية الإسلامية.
ومع ذلك فقد بات واضحاً للعالم أجمع السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة والتي تقوم على فرض العقوبات على معظم دول العالم. وقد أثبتت السنوات الماضية أن الولايات المتحدة ليس لديها الكثير لتفعله على المسرح العالمي غير التلويح بفرض العقوبات أو التهديد بفرضها، ونتيجة لذلك تلحق الضرر بنفسها، فهي تجني القليل من الفوائد بينما يتحول جميع حلفائها ضدها.
إن فرض العقوبات هو تكتيك تستخدمه الولايات المتحدة بشكل متكرّر لإجبار الدول التي تعتبرها أعداء لها على تقديم تنازلات. وهذا النهج الذي تتبعه أمريكا يتسبب بالكثير من الصعوبات والمشاكل الاقتصادية التي تؤخر عملية التنمية في البلدان الخاضعة للعقوبات. ويبدو أن هذا التكتيك قد فشل في تحقيق النتائج المرجوة بل على العكس من ذلك، فقد أضّر كثيراً بمصالح الولايات المتحدة وبشكل تدريجي.
لقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران منذ عام 1979، مما أضرّ بالاقتصاد الإيراني بشكل كبير وأثّر على مستويات معيشة الشعب الإيراني. ومع ذلك فإن البلاد لم تسقط ولم تستسلم أبداً للولايات المتحدة.
إضافة إلى ذلك فقد كانت روسيا واحدة من أكبر ضحايا العقوبات الأمريكية. فوفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقرّه الولايات المتحدة، فرضت الولايات المتحدة “أكثر من 60 جولة من العقوبات على الأفراد والشركات والهيئات الحكومية الروسية” بين عامي 2013 و 2018. ومع ذلك يُظهر المحلّلون أن روسيا تمكنت من التكيف مع الفترة الطويلة من العقوبات المستمرة، واستطاعت تكوين احتياطياتها من العملات الأجنبية والذهب لحماية اقتصادها، والحفاظ على قدراتها الدفاعية الوطنية خلال الفترة الصعبة.
وكذلك الأمر فيما يخّص كوبا والتي خضعت بدورها لأطول حصار اقتصادي في التاريخ. فالولايات المتحدة كانت تحلم أنّ بإمكانها الإطاحة بالرئيس الكوبي فيديل كاسترو مرات عديدة وذلك عن طريق فرض العقوبات إلى الوقت الذي أدركت فيه الإدارة السابقة للرئيس الأمريكي باراك أوباما أن ذلك هو أمر غير واقعي. وكانت غرفة التجارة الأمريكية قد قدّرت في وقت مبكر من عام 2009، أن الحظر المفروض على كوبا يكلّف الاقتصاد الأمريكي حوالي 1.2 مليار دولار سنوياً في المبيعات والصادرات المفقودة.
ولاحقاً بدا واضحاً أنّه وبالرغم من الهجمات المتتالية للولايات المتحدة على شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي، فقد استمرت هذه الشركة في تحقيق نمّو قوّي في المبيعات في عام 2019 ونمو الإيرادات بنسبة 13 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2020. وبالنتيجة فإن قمع واشنطن الشامل لشركات التكنولوجيا الصينية أدّى فقط إلى تسريع وتيرة تلك الشركات في تعزيز البحث والتطوير التكنولوجي المستقل.
كما لم تستثن الولايات المتحدة حلفاءها أيضاً من العقوبات، ففي وقت سابق من شهر آب حذر ثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي من أن واشنطن ستفرض “عقوبات قانونية واقتصادية ساحقة” على ميناء ساسنيتز الألماني بسبب بناء خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2″الذي يربط ألمانيا بروسيا. في الوقت نفسه تطالب الولايات المتحدة حلفاءها بدعم وتأييد العقوبات التي تفرضها على الدول الأخرى بينما تتجاهل مصالحهم.
وسواء كان الأمر يتعلق بمشروع “نورد ستريم 2” أو الاتفاق النووي الإيراني ، فقد فشلت الولايات المتحدة في مراعاة طلب حلفائها الأوروبيين المتزايد للنفط من روسيا أو من الشرق الأوسط، وكل ما كانت تفعله هو تنفيذ العقوبات بإرادتها.
إنّ مفهوم “المصالح المشتركة” بدأ يتلاشى من منظور الاستراتيجية الأمريكية، كما أنّ اليوم الذي ستصبح فيه المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والدول الأخرى أقّل من المشاكل التي تجلبها واشنطن للعالم فإن هذا سيعني حتماً انتهاء قيادة الولايات المتحدة رسمياً للعالم.
وكان الكاتب السياسي الأمريكي “ستيف بنين” قد ذكر في لقاء له على قناة MSNBC التلفزيونية الأمريكية، أنه ليس من السهل عزل الولايات المتحدة، ولكن يبدو سهلاً تقويض مصالح الأمن القومي لها، وجمع أصدقائها وخصومها معاً في نفس الوقت لمواجهة جميع مطالبها. ويعود الفضل أيضاً في ذلك إلى العقوبات الأمريكية التي تفرض ضغوطاً شديدة ومتكررة وعديمة الجدوى على دول العالم.
المصدر Global Times