الثورة اون لاين – لميس علي:
في لقاء مع أندريه كونت سبونفيل، أحد فلاسفة السعادة المعاصرين، تحدث عن العيش في الواقع أكثر منه في الخيال قائلاً: “الحكمة الحقيقية ليست في حب السعادة ولا في حب الحكمة لكن في حب الحياة السعيدة أو حزينة، حكيمة أو لا”.. مستشهداً بقول المدون الفرنسي الشهير ميشيل دي مونتين “بالنسبة لي أنا أحب الحياة”..
هكذا وجب علينا أن نُقبل على الحياة حبّاً على الرغم من بشاعة ظروفها.. ووجب الاستماع إلى كلام بطلة فيلم (ليلة الخروج للأمهات) التي لا تشعر بالسعادة ولا بالرضا عن حياتها.. ثم تكتشف أن عليها تغيير نفسها وليس ظروفها كي تحب حياتها وما هي عليه..
وجب على كل منّا أن يُقبل على نفسه تغييراً.. لعلنا نتفهّم حينها كلام دي مونتين: ” تحفتنا العظيمة والمجيدة هي العيش في الوقت المناسب”..
عن أي وقت مناسب تحدث دي مونتين..؟
نخشى أنه في انتظارنا لهذا الوقت المناسب ربما ضيّعنا كل الأوقات.. ومرّ الزمن مهدوراً لاقتناص فرصتنا بعيشه..
هل ثمة من وقت مناسب للعيش ووقت آخر غير مناسب..؟؟!
ربما أراد كل من “سبونفيل” و”دي مونتين” لفت انتباهنا على أنه لابد من تعلّم مهارة خلق فرصة العيش في كل الأوقات مهما كانت قاسية في الحصول على تدفق حيويتها.. أو عصية في إمساك جوهر نبضها.
كيف لنا إنعاش ذلك النبض حين ينوس عن إيقاعه المعتاد..؟
من الممكن أن تشحذ فكرك وأيضاً عاداتك اجتراحاً لمنطق عيش يساير كل البشاعة بمختلف ألوانها.. لتسترق سعادتك.. أو لحظات فرحك ومتعتك..
تماماً.. كأنك تزن مقدار التعاسة بما يساويها من سعادة.. كما اقترح نيتشه في قبولنا تلك ال(نَعم) غير المشروطة للحياة حتى في الجانب السلبي والمؤلم..
لوهلة.. تعتقد أن الحسبة بسيطة وأنك تقايض كل لحظات البشاعة والتعاسة بما يقابلها على الضفة الأخرى من مفردات الحياة الإيجابية..
هل ترانا نقايض سعادتنا بكل ما خبرناه من أوجاع..؟
وكأننا نرهن أعمارنا لشيطان البشاعة والتعاسة.. شرط أن نحيا حفنة من آمال ومسرّات..
أترانا نلعب دور الدكتور فاوست مع حيل الحياة دون أن نعي الأمر..؟
ثمة فارق بسيط..
إذ لم تُحتسب لدينا كل إمكانيات العيش الأكثر من مناسبة تلك التي رغب بها فاوست… ومع ذلك نسدد ثمن المقايضة غالياً من أعمارنا.
ومع ذلك.. سنمتهن لعبة قلب حدّي المعادلة لتبدو منسجمة مع أصل أفكارنا ورغباتنا وأنه كلّما عشنا لحظات فشل، وجع أو تعاسة.. أن تمتلك تلك اللحظات قوة ارتدادية.. تنقلب إلى ما يناقضها حتى يتوازن قانون العيش..
لكن هل نستطيع فعلياً أن نوازن بين كفتي ميزان عيشنا..؟
بين سواد أوقاتنا وبين بياض أحلامنا..؟