الثورة أون لاين – دينا الحمد:
مازال النظام التركي القادم من رحم تنظيم الاخوان الإرهابي يجهد نفسه لتحقيق أجنداته العثمانية الاستعمارية التي وأدتها شعوب المنطقة منذ زمن بعيد، وعافتها نفوسهم، فهو يتدخل في النزاع الدائر بين أرمينيا وأذربيجان ويصب الزيت على ناره ليزيده اشتعالاً، وتتمدد قواته الغازية من سورية إلى ليبيا مروراً بالمتوسط وينقل مرتزقته إلى أواسط القارة السمراء وسواحلها.
مازال يدعم المرتزقة ويستخدم الإرهابيين في طول المنطقة وعرضها لتحقيق مآربه السياسية، ويشن اعتداءاته على الشعوب، وتتعمق تدخلاته العسكرية في سورية وليبيا والقوقاز، بل وبات يشكل تهديداً أمنياً مباشراً وخطيراً للقارة الأوروبية برمتها كما أكد مؤخراً الأستاذ الجامعي التشيكي الباحث والبروفسور إيفو بوديل، ولكن دون أن نرى من يفرض العقوبات عليه وعلى قواته الغازية، لا من قبل الأمم المتحدة ولا من قبل المجتمع الدولي الذي يتغنى ليل نهار بالأمن والسلم الدوليين ويتحفنا بادعاءاته بالحفاظ عليهما.
فقد أوضح الباحث المذكور في حديث لموقع (أوراق برلمانية) الإلكتروني أنه على الرغم من كل ممارسات هذا النظام واستخدامه الإرهابيين لتحقيق أهدافه السياسية وتدخلاته العسكرية غير القانونية في سورية وليبيا وشمال قبرص وبحر إيجة والقوقاز، فإن الغرب امتنع حتى الآن عن فرض عقوبات عليه، كما لم يرفع أحد في (الناتو) صوته للتشكيك في عضوية أنقرة بالحلف، ورأى (بوديل) أن سعي النظام التركي لإحياء الإمبراطورية العثمانية المندثرة يرتبط بقوة بالضعف الأوروبي وبتراجع النفوذ الأميركي، لكنه يشير إلى أن تركيا كانت على الدوام تابعا مطيعاً للغرب، وهنا يبرز إلى السطح السؤال الأهم، لماذا لا يعاقب المجتمع الدولي (والغرب تحديداً) النظام التركي على نسف الأمن الإقليمي والعالمي؟!.
تبدو الإجابة سهلة بشكل كبير فالغرب الذي يزعم أنه يخالف تركيا ويطالبها بالانسحاب من ليبيا أو التراجع عن زج نفسها في الصراع الأرميني الأذري هو نفسه من يصفق سراً لتلك التدخلات العدوانية لأنها تخدم أهدافه وأهداف أميركا التي تحركه والتي تتلخص بمحاولة إغراق روسيا بمشاكل متعددة على حدودها المختلفة، ولذلك نرى بعض المسؤولين الغربيين وهم يطالبون تركيا بالتراجع عن سياستها الخارجية العدوانية ودعم وقف إطلاق النار في القوقاز وليبيا على سبيل المثال وعدم التنقيب عن الغاز على حدود اليونان من جهة ويغضون طرفهم عن سياساتها تلك على أرض الواقع.
وأيضاً يجب ألا ننسى أن تركيا هي عضو في الناتو ومنظومته الغربية، وهي الأداة الأميركية والأطلسية -إلى جانب الكيان الإسرائيلي- التي تنفذ واشنطن من خلالهما أجنداتها العدوانية في المنطقة برمتها، وهي التي تبرمج بالتنسيق مع السي آي إيه كل مخططات القاعدة وداعش والإخوان المسلمين وكل المتطرفين وتساعدهم في تحركاتهم وتنقلاتهم في جميع هذه البلدان التي تشهد حروباً وغزواً من قبلها، ومن قبل منظومة العدوان بقيادة أميركا، ولهذه الأسباب لا يلمس أحد في العالم أي دعوة لمحاسبة نظامها بل مساعدته ودعمه، وإن صدرت هنا وهناك بعض الانتقادات الخلبية.