الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:
للأحاسيسِ مفردات يعجز عن كتابتها أو رسمها أو نحتها أو تصويرها، إلا مبدع متّقد الرؤى لكلّ جمالٍ يحتفي بالظاهر أو الخفي من تفاصيل الحياة.. لها أيضاً، أناشيدٌ قد تكون فرحة ومتألقة، أو غاضبة ومؤثرة ومعبّرة، وقد تكون حزينة تذرف أوجاعها عبر أدواتها المطواعة أو الجائرة.
إنها أناشيد أحاسيسِ الفنان الذي يسعى لتحويل كلِّ ما يحيط به أو يراه أو يتخيله، وكلّ ما يؤلمه أو يفرحه أو حتى يُدهشه، إلى صورٍ ولوحاتٍ ومنحوتاتٍ يبرع في جذب المتلقي لقراءتها، وللاحتفاظ بما فيها من معانٍ تُثري ذاكرة الحياة، بمنطقِ ما تراهُ وتعزفهُ أدواتها..
نعم تعزفه.. تعزفُ الجمال بأنواعه على إيقاعِ الفنون الراقية والجميلة.. الرسم والنحت والتصوير والتشكيل، وسواهم من الفنون المرئية الأصيلة.. الفنون التي تعبر عن الحالات والتصورات والمعاناة التي يعيشها الفنان في مجتمعه وبيئته. تلك التي يبدع في عناقِ ما فيها من جمالٍ، حتى وإن أغرقه بحزنه ويأسه وألمه.
ببساطة.. فنوننا الجميلة هي الذاكرة التي تنطقُ، بتعابير وجوهنا وحالاتنا وأحلامنا ومعاناتنا وكل أشياء حياتنا.. هي الجمال الذي يجمِّلنا كي نرتقي، ونُثري الحياة بكلِّ ألوان الرُقي.. هي أنامل الحياة التي تقبضُ على أسرار الدهشة، فتُدهش الناظر إليها، وهي العوالم التي نحتاج للتحليق أنى حلّقت، بعد أن نتماهى جميعاً فيها..
نتماهى دون أن نتوقف عن قراءة ما تحكيه من مفرداتنا، وعن الانبهار بقدرتها على امتلاك ألوان وجوهنا ووجودنا وأحلامنا وجنوننا وجموحنا وحياتنا.. أيضاً، الأشياء التي تعنينا وتخصّنا، والأفكار والانفعالات والاشتعالات التي أحرقتنا دون أن تمنع عيوننا، من قراءة هذه الفنون الرائية، وبكلِّ مافيها من جمالياتٍ فنية..
التاريخ: الثلاثاء8-12-2020
رقم العدد :1023