الليبرالية الجديدة .. يد خفية لمسخ هوية المجتمع والانقلاب عليه

الثورة أون لاين – حسين صقر:

بعد أن غدت اليد الخفية التي تطعن الإنسان وتستهدف آدميته، و إطلاق غرائزه البدائية في الجشع والإشباع والبحث عن الثروة والنفوذ، أصبحت الليبرالية خطراً على قوى التطور و التقدم والرفاه الاقتصادي .
ولهذا سلّط السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته الأخيرة بجامع العثمان بدمشق الضوء على مخاطر هذه النزعة الفكرية التي تستهدف تدمير المجتمع من الداخل وتحويله إلى هيكل خال من المضامين النافعة.
وانطلاقاً من ذلك، فإن أصحاب الفكر الليبرالي الجدد أصبحت غايتهم مسخ هوية المجتمع والانقلاب على الذات وتلميع الفكر الغربي ، واستنساخه ب من دون وعي أو صدق مع الذات أو مع المجتمع .
وفي هذا السياق عبَّر عدد من الكتاب والمثقفين والإعلاميين عن ذلك بالقول : بأن أصحاب هذا التيار ، بالرغم من أنهم لايملكون جذوراً عميقة في المجتمع ، وليس لهم امتداد أو قبول شعبي ، لكن خطورتهم تكمن في أن بعض وسائل الإعلام المأجورة، ولاسيما بعض الإقليمية صدَّرت رموزه ، وجعلت منهم مفكرين وخبراء في الحركات والأحزاب وصناع الرأي العام .
وقال الكاتب والصحفي عبد المنعم علي عيسى : نشأت الليبرالية الكلاسيكية منذ مطلع القرن السابع عشر ، كفلسفة يقوم فكرها السياسي على نشر عقيدة الحرية الفردية، والاجتماعية، و على تبني مبدأ المساواة بين الناس ، في حين شكلت تلك الفلسفة طبعة ذات خصوصية مترافقة مع النهج الاقتصادي الذي تتبناه البرجوازية الأوروبية في حينها، والجدير ذكره في هذا السياق هو أن تلك الفلسفة كانت في جوهرها تمثل أداة فكرية تعمل على إيجاد حوامل اجتماعية لها خرجت إلى العلن تحت مسمى” المجتمع المدني ” ، كوسيلة لمحاربة سلطات الأنظمة الملكية المطلقة التي كانت تعم أرجاء القارة الأوروبية على امتدادها آنذاك ، وفي التكتيك كانت تعتمد على نشر دعواها الرامية لازدهار شرائح اجتماعية تتبنى ذلك الفكر بمعزل عن سلطة الدولة .
وأضاف في هذا السياق شهد ذلك تحديثاً على أعتاب تفكك وانهيار الاتحاد السوفييتي، حيث أسس المفكر الأميركي فرنسيس فوكوياما في مقال نشره العام 1989 لنظرية ” نهاية التاريخ ” التي تقوم على التبشير بزوال العقائد والإيديولوجيا بشتى صنوفهما .
وأوضح عيسى لقد لحظنا الصعود الحاصل في مسار الخط البياني للتيار الليبرالي في سورية بدءاً من العام 2003 الذي شهد الغزو الأميركي للعراق والذي أدى فيما بعد لاحتلاله، عندما ذهبت شرائح سورية، ليست بالمهمشة ، إلى تبني فكرة ” المجتمع المدني ” ، وهي في بعض أشكالها كانت تدعو الى الانسلاخ الكامل عن العقيدة والانتماء، في محاولة لنسف الهوية الحضارية والدينية كمقدمة أكيدة لإحلال أخرى محلها، بل وإلى تبني فكرة الاستقواء بالخارج كوسيلة لقلب الأوضاع الداخلية، حتى إن البعض من هؤلاء كان قد ذهب إلى مديح ذاك الاحتلال الظالم .
وفق هذا السياق السابق يمكن فهم ما رمى إليه الرئيس الأسد عبر تناوله لمصطلح الليبرالية والمخاطر التي تحملها على المجتمع السوري ، مؤكداً ذلك بالقول : إن القضايا الأمنية والمعيشية هي قضايا عكوسة تزول بزوال الأسباب، أما القضايا الفكرية فهي تتصف بالإزمان، فهي الخطرة وكل مزمن يصعب علاجه . وأضاف عيسى فعليه يمكن القول إن ” اللبرلة ” هي أشبه بوصفة ناجعة لتحلل النسيجين المجتمعي والسياسي السوريين ، ومعها وصفة ملحقة لتشظي الجغرافية على وقع تحلل واضمحلال الدولة، مشيراً أن الليبرالية تتهدد المجتمع السوري ، وخاصة أن ثمة شرائح تصنف نفسها بالوازنة في المجتمع تتبناها كنهج، و ترى فيها سبيلاً إلى التحديث متناسين أنها لبوس غربي لا يأتي على مقياس المجتمع الذي نعيش فيه، وتحكمه مجموعة من العادات والتقاليد والأعراف .
بدوره قال حسان زين الدين مدير الشؤون الإدارية بوكالة شينخوا الصينية : لقد جاءت الأديان لإعطاء البشر معنىً روحياً لحياتهم، و توجيههم الوجهة الروحية المطمئنة، والإسلام بصفائه الأول كما نزل على الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، يفرق تماماً بين الناحية الروحية والناحية الاجتماعية، وبما تشتمل عليه من سياسة واقتصاد وتربية وتعليم وصناعة، إلى آخره، فالأولى تنظمها النصوص الصحيحة صحة قطعية ثبوتاً ودلالة، أما الثانية فمتروك شأنها للعقل البشري ليرى فيها ما يشاء وفق مصالحه الراهنة المتأثرة بالمتغيرات الزمانية والمكانية، وهذه هي الحداثة بعينها، بغض النظر عما اصطحبته الممارسات التاريخية، الاجتماعية منها والسياسية معها من تراث بشري خلط الروحي بالدنيوي والسياسي بالديني تبعاً لإملاءات أيديولوجية مختلفة .
وأضاف زين الدين وهذا ما تقاطع مع الليبرالية الجديدة التي عملت لإفساح المجال أمام التيارات المنحرفة الزائفة، بدعوى حرية الرأي والانفتاح على الآخر، بينما الحقيقة كانت عكس ذلك، وهي الارتماء في أحضان الأعداء وتقليدهم، وتقبل الغزو الفكري بحجة صحة نظرياتهم، وظهر ذلك من خلال نشر مايسمى ثقافة تقبل

الآخر ولو كان مخطئاً ، وهو ماترك آثاراً سلبية على الأخلاق العامة، لأنه استهدف اللبنة الأولى في المجتمع المرأة والأسرة على حد سواء، وجعلهما دمى يتلاعب بها المنحرفون سلوكياً وأخلاقياً .

وأوضح زين الدين لقد فتح هذا الفكر الباب على مصراعيه لدعاة التغريب بحيث لو طبقت المجتمعات كل ما يرونه ويؤصلونه لأصبحت مجتمعات منحلة لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً، ومانراه عندهم من دعوات للتهتك والسفور يؤكد هذه الحقائق، هذا فضلاً عن الآثار السياسية والمتمثلة بإقصاء الشريعة عن الحكم وعزلها عن الحياة، وحصرها في نطاق المسجد والعبادات الشخصية، وتغليفها بمصطلح العلمانية.
من ناحيته قال الأستاذ والمغترب حمد معمر : ثمة آثار سلبية تركتها الليبرالية الجديدة، أولها التشكيك في العقيدة الصحيحة وزعزعة الثقة بها، بمختلف الأسباب والطرق الملتوية الخبيثة، وذلك بهدف دفع الإنسان للانصراف والعزوف عنها، والتزهيد المتعمد للتراث الإسلامي عقيدة وشريعة وتشويه صورته السليمة .
وأضاف معمر كما تهدف أيضاً لإحياء التراث الفلسفي والمعتزلي ، وتقريبه للناس في قالب جميل مزخرف ، والتحريض على قبول التراث المنحرف في ظل الجهل الذي يخيم على كثير من الناس ، وهو ما سيحدث بالنتيجة هزيمة نفسية أمام الأعداء التي يريدون أن يغرسوها في أفراد الأمة شاؤوا أم أبوا ، والترويج بأن المسلمين متخلفون ، ولا يمكن أن يتقدموا أبداً ، ويروجون للغرب رغم تراجع الحضارة الغربية والتنبؤات من قبل منظريهم بزوالها .
وأوضح معمر أن الليبرالية نشات كرأي سائد أو فلسفة سياسية ، وهي عدة أنواع منها السياسية، والاقتصادية والاجتماعية والتي تسعى الى سيادة القانون وهي ذات هدف إيدولوجي ترفض الملكية المطلقة .
أما ما ظهر اليوم من ليبرالية جديدة، والتي يروج لها البعض، على وسائل إعلامية مغرضة، هدفها تشويه المفاهيم الاجتماعية وتدمير أخلاقيات المجتمع
وإظهار الجشع المادي لإنتاج مجتمع ممسوخ الهوية والهوى، تسود فيه شريعة الغاب ورأس المال النتن وتقليص حرية الأفراد ، ومثل هؤلاء يمثلون الصيغة الجديدة لصفة الليبرالية والتي تروج للفكر الغربي الاستعماري .
وأشار لو بحثنا عن حقيقة هؤلاء لوجدناهم يفعلون ما بوسعهم لهدم وتقويض بنى المجتمع التحتية، لكن لن يطول بهم الزمن، و سوف يلفظهم المجتمع والتاريخ إلى مكب النفايات

آخر الأخبار
الشرع يعزي بضحايا تفجير الكنيسة.. مواصلة العمل لضبط كل من شارك وخطط للجريمة خارطة طريق طموحة للتعليم العالي.. د. الحلبي: نظام تعليمي يخلو من الفساد د.عربش لـ"الثورة": زيادة الرواتب لن تتسبب بضغوط تضخمية على الاقتصاد "إعلان اسطنبول" يرحب بجهود الحكومة السورية لإعادة دمج البلاد إقليمياً ودولياً وزارة الإعلام تطلق برنامجاً تدريبياً رائداً لتطوير القيادات الإعلامية من مأزق التمويل إلى هندسة الانتعاش.. خبير لـ"الثورة": تحويل الليرة من "ضحية" المضاربات لأداة استقرار "الاتصالات والتنمية الإدارية" يبحثان تعزيز كفاءة العمل المؤسسي الخبير أمين لـ"الثورة": مساواة المتقاعدين والعاملين جدية بتحسين الوضع المعيشي زيادة الرواتب.. إصلاح نوعي الخبير محمد لـ"الثورة": تقديرات مبدئية بأن كتلتها تقارب 11000 مليار ليرة مواطنون لـ"الثورة": هدوء الأسعار بدا مريحاً.. الخبير محي الدين: مراقبة الأسواق ضرورة طلاب من حلب.. دروس على ضوء الشموع ومستقبل على حافة الانقطاع سوريا الجديدة.. عمل دؤوب لمواجهة التحديات وإعادة النهوض  أردوغان: سنستمر بدعم مساعي سوريا لمكافحة الإرهاب الأردن يعفي حافلات سورية من بدل دعم المحروقات شريطة المعاملة بالمثل 2,1 مليار ليرة لتأهيل بئر الدلافة في حضر توسيع التعاون الاقتصادي والاستثمار بحلب مع تركيا لمن لم يذكر ولن ينسى".. لتبقى الحكاية حاضرة عيادة متنقلة للهلال الأحمر بالقنيطرة يمنى برهوم.. حين تهمس المادة بصوت أنثوي مواطنون لـ"الثورة": زيادة الرواتب أثلجت الصدور وأفرحت القلوب