ثورة أون لاين _ فؤاد مسعد:
أذكر تماماً في النصف الثاني من عام 2013 عندما وصلت التهديدات الأمريكية أشدها ضد سورية ملوحة بضربة مُحتملة ، عندها كان للشعب السوري كله وقفة أقوى بكثير من كل التهديدات ، ومن فئات الشعب آنذاك فنانون اصطفوا للوقوف سداً منيعاً واحداً مع أبناء البلد في سفح جبل قاسيون ضمن الحملة الوطنية السورية (على أجسادنا) ليشكلوا بأجسادهم دروعاً لحماية الوطن وليقولوا بأعلى صوت (لا للعدوان على سورية) عبر حناجر تطلق صرختها بصوت واحد صادح يملأ الدنيا ، إنه الصوت السوري الأصيل الرافض لتدخل الأجنبي.
هذه الصورة التي بدا عليها الفنان السوري ليست بجديدة أو ابنة ساعتها ، فكثيرة هي المواقف التي أظهرت المعدن الحقيقي لمبدعين سوريين جسدوا من خلالها معنى أن يكونوا حصناً ودرعاً للوطن بحس عالٍ من الانتماء ، ودائماً كان لهم دورهم الريادي والمتقدم.. وممن أكدوا على هذا الموضوع في أحاديثهم الفنانان دريد لحام وسلمى المصري ، حيث تحدث كل منهما في لقاءات سابقة في صحيفة الثورة عن موضوع دور الفنان ضمن المجتمع خاصة وقت الشدائد ، ومما قاله الفنان دريد لحام : “من المؤكد أن للفنان دوراً ريادياً ، ينبغي أن يخرج صوت الفنان والصحفي والأديب وكل مخلص للوطن ، فدائماً هناك خط أمامي يحتاج لخطوط خلفية تدعمه والخط الأمامي هو هؤلاء الأبطال المقاومون أما الخط الخلفي فهو الشحن المعنوي أي بوقفة واحدة وموقف واحد ونشيد واحد .. ذلك كله يدعم موقفهم” ، في حين رأت الفنانة سلمى المصري أن على الفنان واجبا ومسؤولية تجاه المجتمع وعليه المساهمة في الدفاع عن مجتمعه بكل الوسائل الثقافية والفنية وغيرها وبكل ما يخدمه كي يحصنه ، وأن يكون مع الحق فمصلحة الوطن فوق الجميع .
وحتى إن عدنا إلى عمق الذاكرة تتداعى إلى الأذهان مجموعة أحداث ومواقف تُبرز دور الفن في الأزمات والحروب ، وهل لأحد أن ينسى دور المسرح العسكري وكيف كان الفنانون يذهبون إلى أماكن الوحدات العسكرية في الجبهة لتقديم العروض وللوقوف مع حماة الوطن يداً بيد ، حتى أن فنانين ومطربين كانوا يقومون بزيارة ساحات القتال وقت الحرب ليشدّوا من أزر المقاتلين . وذلك غيض من فيض لما كان يقوم به الفنان في سعي منه لرص الصفوف متخذاً دوره في التوعية والتعريف والالتصاق أكثر مع الناس والوطن ، الأمر الذي بات يشكل ثقافة ترتبط بمفهوم الفعل المقاوم ، ويكرس حالة من الاستمرارية تعكس الدور الذي يتطلع إليه كل من المبدع والفنان والمفكر في الوقوف مع الوطن ليكونوا جنوداً فاعلين في صون ترابه وعزته ، ويكون لهم مكانهم في تعزيز التلاحم الوطني ، إن كان عبر أعمالهم الإبداعية أو مواقفهم التي تعبر عن نبض الناس ، كما أن هناك فنانين قدموا أرواحهم قرباناً للوطن مجسدين فعل الفداء والانتماء.
مما لا شك فيه أن للفن دوره ومكانته في القضايا الحاسمة والمفصلية ، وتظهر هذه المكانة من خلال العمل الفردي والجماعي انطلاقاً مما امتلكه الفنان على مر الأيام من حس وطني ، وضمن هذا الإطار هناك الكثير من العمل ينتظر الفنانين لأنهم بذلك يؤدون دورهم المقاوم الحقيقي ليكونوا صفاً واحداً وجنوداً فاعلين في عصر تحاول فيه العديد من القوى النيل من تاريخنا وكرامتنا وهويتنا وانتمائنا.