الثورة أون لاين – أدمون الشدايدة:
يجهد أعداؤنا أنفسهم لاستهداف العروبة، لأنها العنصر الجامع بين كل مكونات هذه المنطقة، والعنصر الموحد لأبنائها، ويضعون الخطط والأجندات لضربها وتفكيك عناصرها كي يعمموا العناصر التفريقية المختلفة التي تهدم أوطاننا ومجتمعاتنا .
من هنا ركز السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته في جامع العثمان على العروبة بمعناها الحضاري ومعناها المتنوع، وقال : “نحن نقبل ليس بكل رحابة صدر بل بكل حماس أن نقول بأن هذا المعنى الحضاري فيه ثقافات متعددة وفيه أعراق متعددة ، وهذا دليل قوة ودليل غنى لكن أن نقبل هذا التنوع الثقافي والعرقي لا يعني أن نقبل التنوع الحضاري فهي حضارة واحدة لن نقبل بأن يأتي ويقول أحدهم بأن هذه المنطقة متنوعة فيها عدة حضارات، ليس فيها عدة حضارات فيها عدة ثقافات” .
والعروبة اليوم، ووفقاً لمفهومها العميق كما بيّنه الرئيس الأسد، باتت مستهدفة من قبل قوى الاستعمار الغربية، التي تلهث لتدميرها وتغييبها وتشويه صورتها، أو تصوير أن الخلل فيها، وبالتالي نجد أن هذه القوى تسعى في كثير من الأحيان إلى فك عراها وإدخالها في دوامة حروب تبدأ ولا تنتهي لضمان تسيد الكيان الصهيوني وتثبيت سيطرته على المنطقة .
وفي ميادين الصراع الفكري التي خلقها الغرب الطامع أثّرت تلك المحاولات على البعض في فهم العروبة ومعناها ومغزاها الحضاري، وصبغت لديه بطابع غير منطقي، واستغل البعض الآخر وسائل التواصل الاجتماعي لتخريب مفهوم هويتنا وانتمائنا، وتلك الأبواق المأجورة دخلت بنقاشات قاصرة وغير بناءة وغير مفيدة عن العروبة ، بل وتخلق مواقف سلبية بسبب عدم فهمها ودرايتها لمفهوم العروبة الحضاري .
لذلك فإن تركيز الرئيس الأسد على مفهوم العروبة والأهداف من وراء ضربها، جاء لوضع النقاط على الحروف، وخصوصاً أن العروبة كانت في مرحلة معينة من تاريخنا في مواجهة اتهامات العثمانية باطلة، وفي حالة مجابهة مع محاولات “الإخونجيين” الساعية لفك الترابط بين مفهومي العروبة والإسلام لغايات دنيئة .
واليوم يحاول العثمانيون الجدد بالإضافة إلى الغرب الاستعماري وأتباعهم وأدواتهم من الإخوان المسلمين القضاء على مفهوم العروبة الحضاري من خلال ضرب سورية التي تشكل المرتكز الأساسي للعروبة الأصيلة والإسلام الحقيقي، ويحاولون تسييس مفهوم العروبة ووضعها ضمن أيديولوجيات مضللة تماماً كتسييس الإسلام وتسييس الأديان ، وضرب التعايش العميق فيما بينهما، ويحاولون تشويه مفهوم العروبة وإخراجها عن إطارها الإنساني .
أخيراً فإن فهم العروبة والحديث عنها عند التعاطي مع الخارج أو الآخر يعني باختصار أن ترسيخ فكرة الانتماء إلى المدينة أو القرية في سورية لا يلغي الشعور بالانتماء إلى سورية كلها، ولا يلغي الانتماء إلى العروبة بمفهومه الواسع والعميق كما أكد الرئيس الأسد