الثورة أون لاين- فاتن أحمد دعبول:
لأنها لغتنا وعماد هويتنا والوعاء الحي الذي يحتوي إنجازاتنا الإبداعية عبر العصور، ولأنها لغتنا التي تجمع أبناء جلدتها، يسعى مجمع اللغة العربية للحفاظ عليها وإبقائها عمادا لهويتنا، مع التأكيد على إدخال أفضل مافي الحداثة إلى أذهان الأبناء معتمدين أصالة لغتنا ومستفيدين من غناها وطواعيتها.
وبمناسبة اليوم العالمي للغة العربية أقام مجمع اللغة العربية ندوة بعنوان” دور مجامع اللغة العربية في خدمة اللغة العربية” شارك فيها كل من د. مروان المحاسني ود. محمود السيد، واعتذر د. مازن مبارك لظرف صحي طارىء.
د. مروان المحاسني: ضرورة التكامل بين اللغة والتنمية
قدم د. مروان محاسني رئيس مجمع اللغة العربية نظرة شاملة تبرز مايقوم به مجمع اللغة العربية من نشاطات علمية من أجل الإبقاء على اللغة العربية عمادا لهويتنا، وبرزت الجهود واضحة ضد محاولات تتريك اللغة إبان الحكم العثماني ومن ثم الوقوف ضد فرض اللغة الفرنسية كلغة رسمية للبلاد.
ورغم الآثار التي خلفتها سنوات الاحتلال التركي على اللغة من ألفاظ تركية هجينة” الدوسيه، الأفوكاتو، البيرق، الطابور ..” حاول محمد كرد علي عبر صحيفته المقتبس التخلص من الألفاظ الدخيلة وأسس بدوره أول مجمع للغة العربية في دمشق، والتف حوله عدد من المؤسسين للنهوض باللغة العربية وإعادة النحو ناظما أساسيا للتعبير عن الفكر، ومنهم” مرشد خاطر، حسني سبح..”
ويضيف: نحن اليوم وعبر لجان متخصصة نسعى إلى إيجاد وعاء لغوي علمي واحد قادر على استيعاب معطيات الحداثة، معتمدين مافي تراثنا من إنجازات أثبتت جدارتها العلمية، لتعود إلى عالميتها التي استمرت قرونا في أوروبا وأخذ عنها الغرب علوما كثيرة.
ولقد قام د. رضا سعيد بدعم من مجمع اللغة العربية بإنشاء الجامعة السورية، وأصر أن تكون لغة التدريس باللغة العربية، وعمل كوكبة من المختصين لإدخال المصطلحات المطلوبة إلى اللغة العربية في جميع الفروع، لإيمانهم بأن استيعاب الحداثة باللغة العربية هو الذي سيمكن شبابنا من المشاركة في المسارات العلمية المستقبلية بعد إيجاد تكامل وظيفي بين اللغة والتنمية.
ويخلص للقول: إن وجود مجامع اللغة العربية ليس ترفا، بل ضرورة تزداد أهميتها حسب سرعة تطور الحضارة الغربية مادمنا غير مشاركين في بناء تلك الحضارة، ومادمنا عاجزين عن الارتقاء بالتعليم في مراحله المختلفة، تاركين للأفراد أن يبرزوا نبوغهم متجاوزين جميع الصعوبات.
د. محمود السيد: رمز الكيان العربي
وتوقف د. محمود السيد عضو مجمع اللغة العربية عند الأهداف المرسومة لمجمع اللغة العربية ووسائل تحقيقها وبعض الانجازات التي حققها المجمع عبر مسيرته، يقول:
يعد مجمع اللغة العربية في دمشق أبا المجامع العلمية اللغوية، وكان تأسيسه في العام 1919 بعد التحرر من الاحتلال التركي لبلاد الشام، ومن أهدافه، النظر في اللغة العربية وأوضاعها العصرية ونشر آدابها، جمع الكتب مخطوطة ومطبوعة، وجمع الآثار القديمة عربية وغير عربية وتأسيس متحف لها، بالإضافة إلى تأسيس دار كتب عامة، وإصدار مجلة خاصة بالمجمع لنشر أفكاره وأعماله ..
ومن أهم الوسائل لتحقيق أغراض المجمع، وضع معجمات لغوية عصرية، ودراسة قضايا الأدب ونقده، هذا إلى جانب إصدار الكتب والنشرات، وعقد مؤتمر سنوي للنظر في أعمال المجمع السنوية، وتوثيق الصلة باتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية.
ويسجل للمجمع إنجازات في مجالات عدة منها” تعدد اللجان العاملة في المجمع وبلغ عددها خمس عشرة لجنة، وصدور عدد من المعاجم ونذكر منها: معجم الألفاظ والمصطلحات الواردة في أمراض الجملة العصبية، ومعجم المصطلحات الدبلوماسية، والمعجم الفلسفي .. وهناك المطبوعات التي بلغ عددها 457 كتابا بين كتب مؤلفة ومحققة، ويضاف إلى ذلك المؤتمرات والندوات والمحاضرات والتنسيق والتعاون مع لجنة التمكين للغة العربية، وتصحيح الأخطاء الشائعة، والقائمة تطول في إنجازات المجمع عبر مسيرته التي امتدت قرنا كاملا كان خلالها حريصا على سلامة اللغة في سيرورتها وانتشارها على الألسنة والأقلام.
ويبين بدوره أن النهوض باللغة والارتقاء بها هي مسؤولية مجتمعية تحتاج مزيدا من الدعم الرسمي والشعبي معا، لأنها لغتنا ومستودع تراث أمتنا، وحاملة ثقافتنا عبر العصور، والمعبرة عن شؤون حياتنا، وهي رمز للكيان العربي، وهذا يتطلب ليس التغني بجماليتها وخصائصها، بل الكثرة في استعمالها والحرص على سلامتها في هذا الاستعمال، والبر بأمنا اللغة الأم يتطلب الوفاء لها والانتماء إليها لأنها لغة القرآن الكريم والهوية الجامعة، وماعلينا إلا أن نكون واعين لهذه الهوية البناءة..
يقول نزار قباني:
إني أحبك كي أبقى على صلة/بالله بالأرض بالتاريخ بالزمن
أنت البلاد التي تعطي هويتها/من لايحبك يبقى دونما وطن