الثورة أون لاين – ريم صالح:
هل فرنسا هي بلد الحريات، وحقوق الإنسان، والمساواة، والعدالة البشرية كما تدعي؟!، أم أن الواقع مختلف تماماً عن كل ما تروج له باريس، وتسوقه للرأي العام العالمي؟!.
لا نجافي الحقيقة إذا قلنا إن الحريات في فرنسا هي مجرد شعارات لا محل لها من الإعراب، ولا قيمة لها على أرض الواقع الفرنسي، وهذا الاستبداد، وربما الديكتاتورية والقمع والتهميش الذي يكابده الفرنسيون ليس وليد اللحظة، أو أنه مجرد حدث طارئ، وإنما له جذوره التاريخية، وحاضره الذي نلمسه اليوم، وصولاً إلى المستقبل الذي سيسير فيه حكام فرنسا على خطى أسلافهم من حيث السياسات، والمصالح، والأجندات.
القتل، والتوقيف التعسفي، والعقاب بدون محاكمة، واضطهاد الأقليات، وتهميشهم، وحرمانهم من التحدث بلغتهم، وازدراء الأديان، وفرض وشرعنة قوانين باطلة تجيز معاقبة الفرنسيين فقط ولمجرد أن يعبروا عن رأيهم، أو يطالبوا بإصلاحات محقة، هذا كله تجده في فرنسا، وهنا من الضروري التذكير بما قامت به مؤخراً السلطات الفرنسية من اعتقال مئات الشبان الفرنسيين لمشاركتهم في الاحتجاجات المنددة بمشروع قانون الأمن الشامل، الأمر الذي اعتبرته اليوم منظمة العفو الدولية إجراءً تعسفياً.
وخلصت دراسة أجرتها المنظمة الحقوقية إلى أنه من بين 142 موقوفا وضع 124 في الحبس على ذمة التحقيق، ولم توجه أي تهمة إلى 80 في المئة منهم في النهاية.
وسجلت نسبة مماثلة بين عدد الموقوفين وعدد الذين وجهت إليهم التهمة في نهاية المطاف خلال احتجاجات حركة “السترات الصفر” التي بلغت ذروتها في أواخر 2018 وأوائل العام 2019، وفقا للمدعي العام في باريس ريمي هيتز.
وقالت المنظمة التي انضمت إلى مجموعة واسعة من المنظمات معارضة لمشروع قانون الأمن إن لديها “مخاوف مشروعة بشأن احتمال حدوث عمليات توقيف تعسفية وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان”.
ويبقى السؤال هنا: إنه إذا كانت الحريات في فرنسا مكبلة بقوانين عنصرية، وحرية المواطن الفرنسي في أن يتحدث لغته الأم ممنوعة تحت اسم الوحدة الثقافية للجمهورية الفرنسية، وإذا كانت فرنسا ترفض حرية الشعوب، فأين هي الحريات في فرنسا إذاً؟!.
وإذا كانت الحكومة الفرنسية نصيرة حرية التعبير كما تدعي، فكيف نبرر إدانة محكمة فرنسية لرجلين في عام 2019 بتهمة الازدراء، فقط لأنهما أحرقا دمية تمثل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال مظاهرة سلمية؟!، وكيف نفسر إدانة المحاكم الفرنسية لآلاف الفرنسيين سنوياً بتُهمة ازدراء الموظفين العموميين؟!، بل ما الذي نفهمه من إدانة 11 ناشطاً في فرنسا في حزيران من هذا العام، فقط لقيامهم بحملة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، أوليس هذا انتهاكا لحقهم في حرية التعبير؟!.
وهنا من الضروري التنويه إلى أن البرلمان الفرنسي يناقش حالياً قانوناً جديداً يجرّم تداول صور المسؤولين عن إنفاذ القانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يؤكد المؤكد، بأن لا حريات دينية، ولا ثقافية، ولا سياسية، ولا اجتماعية في فرنسا، وإنما هي مجرد كلمات للاستهلاك، والتصدير الخارجي، ولتضليل شعوب العالم، وخداعها، واستعمارها لا أكثر ولا أقل.