الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم
أحيا الشعب الإيراني بالأمس الذكرى الـ 42 لانتصار ثورته الإسلامية ، إذ تصادف ذكراها في العاشر من شباط من كل عام ، وهو اليوم الذي أعلن فيه عن انتصار الثورة الإيرانية بقيادة الإمام الخميني ضد حكم نظام الشاه العميل للغرب عام 1979 ، وقيام جمهورية إيران الإسلامية .
لقد شكَّل هذا الحدث منعطفاً مهماً وحدثاً استراتيجياً غيَّر وجه المنطقة ، لجهة ما أحدثه من تغيرات مهمة في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه قضايا المنطقة ، حيث عززت الثورة الإيرانية جبهة الصمود والمقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني / الأمريكي / الغربي ، وقد ترجم ذلك بوقوف إيران إلى جانب القضية الفلسطينية ، وإغلاق سفارة الكيان الصهيوني ، وإقامة سفارة لدولة فلسطين بدلا عنها ، كما دعمت إيران الثورة حقوق الشعب الفلسطيني ونضاله لتحرير أرضه واستعادة حقوقه كاملة غير منقوصة ، كما وقفت – ولاتزال – إلى جانب سورية في كل المحن والقضايا التي تواجهها ، ولاسيما مواجهة الإرهاب والحرب العالمية الظالمة التي شنت عليها بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والأنظمة الغربية وبعض الأنظمة العربية التابعة لها ، إضافة لنظام أردوغان الآخواني ذي الأطماع العثمانية في المنطقة ، كما دعمت إيران حركات المقاومة العربية للاحتلال الصهيوني في فلسطين وجنوب لبنان والجولان العربي السوري المحتل .
على المستوى الداخلي شهدت إيران في ظل الثورة الإسلامية تطورات وإنجازات هامة في مختلف المجالات التقنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، وضعتها في طليعة دول المنطقة وفي مصاف الدول المتطورة ، الأمر الذي لم يرق لقوى الهيمنة والاستكبار العالمي الغربي بزعامة أمريكا ، فشنت عليها حرباً سياسية واقتصادية مريرة ، واتخذت ضد شعبها الداعم لقيادته والمتمسك بقيم ثورته إجراءات قسرية قاسية ، وحركت ودعمت في الداخل الإيراني جماعات إرهابية للتأثير على صمود وتقدم الثورة الإيرانية ، لكن إيران رغم الضغوط والحصار والإرهاب والحرب التي فرضت عليها في ثمانينات القرن الماضي حققت إنجازات علمية واقتصادية إلى جانب انتصارات سياسية في مواجهة الضغوط الأمريكية والغربية تمثل بالتوصل إلى الاتفاق النووي عام 2015 بعد 13 عاماً من المفاوضات الشاقة مع الدول الغربية .
لقد شكلت الثورة الإسلامية ثمرة كفاح طويل ومستمر للشعب الإيراني من أجل الحصول على حقوقه وخروج بلاده من التبعية للغرب ، والعودة بإيجابية وفاعلية لممارسة دور مهم في كل القضايا الإقليمية والدولية ، حافظت به على الموقع الذي تستحقه ، وهي لا تزال مستمرة في متابعة وممارسة دورها المحوري والتمسك بمواقفها المبدئية والثابتة ، ولم تنحن للضغوط ولم تستسلم للتهديدات الأميركية والغربية والصهيونية وذلك انسجاماً مع تطلعات شعبها نحو المزيد من العزة والكرامة .
وقد نجحت إيران في السنوات الماضية ، بمواجهة ضغوط الإدارة الأميركية السابقة بما يتعلق بالملف النووي ، وإلحاق هزيمة سياسية بترامب الذي ألغى الاتفاق النووي وطلب إعادة التفاوض بشروط جديدة ، وهو ما أدى إلى عزلة أمريكا في الأمم المتحدة وشعورها بالعجز أمام إرادة الشعب والقيادة في إيران .
ورغم إجراءات الحظر والحصار القاسية التي مارستها واشنطن في السنوات الماضية إلا أن إيران واصلت تقدمها الاقتصادي والتنموي والعلمي ، حيث تمكنت الحكومة الإيرانية خلال سبع سنوات من إيصال الغاز والمياه الصالحة للشرب والكهرباء للقرى في مختلف أنحاء البلاد ، كما حققت ثورة في المجال الصحي وطفرة في قطاع الاتصالات ، وعلى الرغم من الحصار والضغوط الهائلة التي طالت اقتصادها جنت 30 مليار دولار من إيرادات الصادرات غير النفطية .
وتواصل إيران اليوم سياستها الداخلية والخارجية بقوة واقتدار وعزيمة لا تلين ، محققة مصالحها ومصالح شعبها ، ومحافظة على دورها الفاعل في كل قضايا المنطقة بفضل حكمة وشجاعة قيادتها وصمود شعبها وقيم ثورتها المباركة ، وهي أكثر إصراراً على المضي قدماً في نهجها الاستقلالي الذي أعطاها هذه المكانة الرائدة