الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
تحاول الليبرالية الجديدة اختراق المجتمعات من خلال تسويق منهجيتها الخاصة، كفصل الإنسان عن أي مبادئ أو قيم أو عقائد دينية من أجل الوصول إلى أهدافها، كما أنها تحاول تسويق فكرة أن الإنسان يولد من دون دين.
هذا النهج وهذه الأفكار تريد ضرب إنسانية الإنسان، وهذا يتناقض مع جوهر الدين، فالأديان سعت إلى تكريس القيم والأخلاق لدى الإنسان، لكن الليبرالية الجديدة جاءت لتفصل الإنسان عن قيمه وأخلاقه وبالتالي فصله عن إنسانيته.
ثمة موضوع خطير يطرح اليوم ويكثر الإعلام في الحديث عنه، ألا وهو العولمة الدينية، حيث تروج الدوائر الصهيونية الماسونية لاختراق المجتمعات العربية والإسلامية من خلال مخطط ما يسمى “البيت الإبراهيمي”.
فهذا الطرح الليبرالي الخطير يحاول تصنيع أديان جديدة عبر دمج عقائد مختلفة مع بعضها البعض بصورة خبيثة من أجل الهيمنة على المجتمعات وتحقيق ما عجزت عنه الحروب طوال عقود مختلفة وتمكين أميركا والصهيونية من السيطرة الاقتصادية والسياسية، لأن موضوع الأديان هو آخر ما يهتمون له في إطار تنفيذ مشاريعهم الاستعمارية.
فالدين الجديد الذي تروج له الصهيونية والماسونية العالمية لاختراق المجتمعات العربية والإسلامية هو ما يسمى “البيت الإبراهيمي” وعبر “السياحة الاقتصادية والدينية”.
إن هذه المخططات مرفوضة من الناحية الشرعية والاجتماعية والثقافية كونها تهدف إلى تفكيك المجتمعات، والهدف الحقيقي من ورائها هو تبرير التطبيع مع الكيان الصهيوني وإظهار هذا التطبيع على أنه مظهر ديني فكري ينشر السلم في المنطقة.
لقد طفت حكاية “البيت الإبراهيمي” على ساحة النقاش الديني كمرحلة تمهيدية لمسألة التطبيع، لأن التطبيع الديني في اعتقاد من يؤمنون بفكرة التطبيع هو أعلى أشكال التطبيع وهو مقدَّمٌ على التطبيع السياسي الذي لا يكون إلا ثمرة من ثماره.
لقد شُرع في بناء الدين الجديد قبل الشروع في وضع بنود اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني وهذا دليلٌ على أن آلة التطبيع الديني قد سبقت آلة التطبيع السياسي.
اللافت في خطاب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب قبيل التوقيع على الاتفاق البحريني الإسرائيلي في البيت الأبيض، أنه سمّى الاتفاق باسم “اتفاق إبراهام”.
الأهم من ذلك ما يخفيه هذا الاتفاق من مخطط كبير لإنشاء ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يهدف إلى دمج الكيان الصهيوني بالمنطقة، وجعله مهيمناً وله القيادة في السيطرة الاقتصادية والعلمية والعسكرية في المنطقة.
من هنا، يتضح لنا أننا أمام مشروع أكبر بكثير من تطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو ما تحاول تحقيقه “صفقة القرن” التي روجت لها أميركا في عهد ترامب كمشروع يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية وإلغاء حقوق الشعب الفلسطيني.
خطورة المخطط الصهيوني أنه ماض في تحقيق غاياته على مراحل مستغلاً الظروف الدولية وضعف الموقف الفلسطيني وتشتت العرب وانشغال كل دولة بمشكلاتها الداخلية والحروب والضغوط المفروضة عليها.
وهنا يتوجب علينا أن نتذكر أن مشروع الحركة الصهيونية كان من صنع الخيال، وبدا حلماً لم يصدق الكثيرون أنه سيتحقق، حتى مع إصرار الصهاينة على تحقيق أجنداتهم بإقامة المؤسّسات وتجهيز الكوادر والأدوات اللازمة لذلك، وتفعيلها وفق برامج محددة ومدروسة الأهداف والمراحل، وبغياب الفعل العربي.
“إن الإنسانية تواجه اليوم مكراً صهيونياً خبيثاً لاختطاف الأديان والثوابت تمهيداً للسيطرة على العالم” وهذا ما أشار إليه بيان علماء بلاد الشام مؤخراً، وهو ما ينبغي أن يتصدى له جميع المؤمنين بالشرائع السماوية، وحسب البيان فإن هذا المخطط لن يمر ولن يسمح به المؤمنون المخلصون والحريصون على أوطانهم ومجتمعاتهم، ولكن الخطورة من أن ينجرف بعض الأفراد وبعض المجتمعات إلى هذه الضلالات والآفات لذلك، ينبغي الحذر عند الحديث عن الحقائق والثوابت الدينية