الثورة أون لاين – لميس عودة:
تسعة وثلاثون عاماً مرت على إضراب الكرامة وانتفاضة العزة لأهلنا في الجولان السوري المحتل رفضاً لقرار الضم الباطل واللاغي قانونياً الذي أصدره كنيست الاحتلال في 14 كانون الأول عام 1981 ، وحاول الاحتلال فرضه بقوة الحديد والنار وبوسائل الترهيب والتنكيل والبطش والاعتقالات التعسفية ، فقال أهالي الجولان حينها كلمتهم على الملأ بأنهم لن يرتضوا غير هويتهم الوطنية ولن يسمحوا لمشاريع الكيان الغاصب أن تمر مهما عظمت التضحيات ، فعهدهم الذي توثقه أصالة انتمائهم للوطن الأم يتجدد كل يوم ، وإصرارهم على رفض مخططات الاحتلال ووأد مشاريعه التوسعية الاستيطانية لم ولن تنل منه كل ممارسات كيان الإرهاب العدوانية .
ففي كل يوم تؤكد المشاهد القادمة من الجولان الحبيب ووقفات العز الاحتجاجية ، أن أهلنا ثابتون ومتشبثون بحقوقهم وأراضيهم مهما زاد العصف الإرهابي الصهيوني ، ومهما اشتدت المؤامرات التي تستهدف النيل من صمودهم وثباتهم ، فإنها لن تتمكن من فصل عرى ارتباطهم بوطنهم ولن تستطيع سلخهم عن امتدادهم السوري المتين والراسخ .
منذ احتلال الجولان وأهلنا الأباة يقاومون المحتل الغاشم ويتصدون بكل بسالة لكل مخططاته الرامية لسرقة الأرض ونهب المقدرات وفرض الأجندات التوسعية الاستيطانية ، وبعد إصدار قرار الضم المشؤوم الذي لا أثر قانونياً له من قبل الصهاينة المحتلين الذين لا يملكون الأرض ولا التاريخ ولا الحق ليتوسعوا عدوانياً في الجغرافية السورية ، لم يتوان أهلنا في الجولان عن الوقوف بحزم ضد تنفيذه ومقاومة تطبيقه ، مؤكدين أن تمرير مشروعات الاحتلال لن تتم ، وأن فرض الهوية الصهيونية على أبناء الجولان السوري أمر مرفوض بالمطلق ولو أمعن كيان الاحتلال في استهدافهم ورفع منسوب جرائمه ضدهم .
وفي ردهم الحازم على قرار الكنيست الصهيوني أصدر أهلنا في الجولان المحتل في25 آذار عام 1981 وثيقتهم الوطنية التي أكدوا فيها أن “الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من سورية العربية ، وأن الجنسية العربية السورية صفة ملازمة لنا لا تزول وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء ، وأرضنا هي ملكية مقدسة لأبناء مجتمعنا السوريين ، وكل مواطن تسول له نفسه أن يبيع أو يتنازل أو يتخلى عن شبر منها للمحتلين الإسرائيليين يقترف جريمة كبرى بحق مجتمعنا وخيانة وطنية لاتغتفر” .. مشددة على عدم الاعتراف بمجالس الاحتلال .
لم يكن الإضراب الشامل رفضاً لقرارات الاحتلال حدثاً عادياً في روزنامة مقاومة أهلنا الجولانيين وفي تقويم ثباتهم ومقارعتهم الاحتلال ورفضهم المطلق لمخططاته بل كان يحمل في مضمونه أقوى الرسائل وأشدها حزماً بأن هذه الأرض رقعة جغرافية محتلة من الخريطة السورية ستعود مهما مر الزمن ، وأن لا شرعية لغاصب محتل ولا قانونية لعربدته التوسعية ، وأن قراراته باطلة يدحضها التاريخ الموغل في القدم وتؤكدها حقائق الجغرافية المتصلة، وأن عروبة الجولان، وسورية انتماء أبنائه ، هي الحقائق الدامغة التي لاتحتاج لبراهين إثبات ولا أدلة تأكيد ، و لن يمحوها شطب سافر أو محاولة إلغاء ، ولا قرار ضم باطل .
فلا قرار الضم الصهيوني للجولان المحتل ، ولا محاباة الإدارة الأميركية لجرائم الاحتلال وزئبقية تصريحات سياسييها ، ستغير من حقيقة كون الجولان عربياً سورياً ، وبطلان القرار يؤكده انتماء أهالي الجولان المحتل للوطن السوري ، ومواربة أركان إدارة جو بايدن ومخاتلهم عن الإقرار بأن العدو الصهيوني يحتل الجولان – كما تقر وتعترف كل المواثيق الدولية ، وأن عليه وفقاً لذلك إنهاء احتلاله – وذلك لاستدرار الرضا الصهيوني ، لن تمنح محتلاً سافراً شرعية مفقودة ولن تشطب حقوقاً وتزور تاريخاً ، فكل محتل إلى اندحار ، وكل أرض سليبة ومحتلة ستتحرر .
الجولان عربي سوري كان منذ الأزل وسيبقى ، لا يهمه كل الترهات الأميركية التي يتم التلاعب بمضامينها وتلغيم خفاياها لتكون على مقاس الأطماع الصهيونية ، ولن يتمكن الإرهابي نتنياهو وكل زمرة إرهابه مهما ارتكبوا من انتهاكات أن يلغوا التاريخ أو يمزقوا الجغرافية ، ولو توهموا أنهم سيفصلون المنطقة على مقاس أوهامهم التوسعية ، فشعلة مقاومة الاحتلال في الجولان ستبقى متأججة وستحرق كل أجندات الصهاينة