هل بدأ بايدن بتصحيح أخطاء أميركا في اليمن؟!

الثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي:

أجرت إدارة بايدن تغيرات هامة في سياستها الخارجية خلال أسابيعها الثلاثة الأولى، ومنها تصحيح ما وقعت به الإدارات السابقة من أخطاء حيال اليمن، إذ بعد قرابة ستة أعوام من بدء الدعم الأميركي للحرب التي شنها التحالف السعودي على اليمن، قرر بايدن إنهاء اشتراك بلاده في الهجوم على جارة السعودية الأكثر فقراً، وفي اليوم التالي أكدت وزارة الخارجية أنها ستلغي قرار تصنيف جماعة “أنصار الله” كمنظمة إرهابية، القرار الذي اتخذه مايك بومبيو خلال الأيام الأخيرة من ولاية ترامب، وبذلك يبدو اليمن ضمن الأولويات القصوى لإدارة بايدن.
ويعود الفضل في ذلك للعمل الدؤوب الذي قام به تحالف اليسار واليمين من معارضي الحرب الذي حث الولايات المتحدة لوضع الحرب على اليمن في قمة أجندتها، وإزاء ذلك، لا بد من بذل مزيد من المساعي لإنهاء النزاع في اليمن، إلا أن بايدن قد سارع بالتصرف تجنباً لما قد يحصل من مجاعة، وتفادياً لتورط أميركي أكبر في تدمير هذا البلد.
جاءت إجراءات إدارة بايدن الأولى بشأن اليمن لتضع حداً لسياسات حكومتي أوباما وترامب مع السعودية التي تلقت تطمينات وتسهيلات من الإدارتين السابقتين، بيد أن هذه الإدارة بدأت بتخفيف دعمها لها والتوقف عن إعطائها الأفضلية، علاوة على ذلك، تشير التغييرات السريعة حيال السياسة نحو اليمن إلى أن إدارة بايدن قد استجابت للضغط الشعبي الممارس عليها، والهادف لإنهاء التورط الأميركي في حروب خارجية أيضاً، وبالإضافة إلى ذلك، تشير تلك الإجراءات إلى نية بايدن أن تكون رئاسته أفضل من كونها ولاية ثالثة لإدارة أوباما، والجدير بالذكر، أن إحدى مزايا الرئيس الجديد عزمه إنهاء السياسات التدميرية التي انتهجها أوباما، فقد أخذ ومسؤولون رفيعو المستوى عبرة من الأخطاء المرتكبة في تلك الرئاسة.
لا ريب أن إلغاء تصنيف “أنصار الله” كان اختباراً مبكراً وهاماً لبايدن وبلينكن، ولحسن حظ الشعب اليمني اتخذ الرجلان القرار الصحيح، لأن قرار بومبيو جاء لصالح السعوديين، ولا يحقق أي فائدة لأمن الولايات المتحدة، علاوة على ذلك، فإن ما قامت به الحركة كان رداً على حملة القصف العنيف الذي ارتكبته السعودية، لذلك لا ينبغي إدراجها في قائمة المنظمات الإرهابية، ففي الواقع، لم تهدد تلك الحركة الولايات المتحدة، ولم ترعَ الإرهاب الدولي، والسبب الأهم لإلغاء هذا التصنيف كونه قد يتسبب في أسوأ مجاعة شهدها التاريخ منذ عقود.
انتقد مايكل دورن المتشدد الرئيس بايدن في افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال نظراً لمراجعته تصنيف أنصار الله، قائلاً: “كانت إحدى خطواته الأولى إلغاء ما ذهبت إليه إدارة ترامب من إدراج لحركة أنصار الله في قائمة المنظمات الإرهابية”، ضارباً صفحاً عما يعانيه اليمن من أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، فوصم تلك الحركة بالإرهاب يحكم على ملايين الأبرياء بالموت جوعاً، مع العلم أن إلغاء قرار بومبيو الشائن كان إجراء صائباً، لكن المشادات القائمة داخل الولايات المتحدة بشأن تصنيف أنصار الله تعكس المشكلة الأكبر بشأن اليمن، وأن ثمة صقوراً أميركيين يناقشون السياسة نحو اليمن بناء على أفكار لا صحة لها تعشش في رؤوسهم بشأن إيران، ولا ريب أن تلك الأفكار حجبت عنهم التفكير بشأن هذا البلد والحرب القائمة فيه، فضلاً عن التكلفة البشرية الباهظة من جراء دعم التحالف السعودي، فعلى مدى قرابة سنوات ست من بدء التدخل، ما زلنا نروج لذات الهراء بشأن دعم من يسمون أنفسهم “حلفاؤنا” الذين ألحقوا الدمار بأفقر دولة في جميع أنحاء العالم، وحتى لو كانت السعودية حليفاً حقيقياً لنا، فإن الولايات المتحدة أخطأت في دعم حملتها، فقد كشفت أعمالها الوحشية أنها زبون لا يمكن الوثوق باستخدامه لسلاح أميركي الصنع، لذلك نرى أن وقف بيع الأسلحة لمجرمي الحرب أمر لا نقاش فيه، ولكن طالما يكنّ مجرمو الحرب العداء لإيران، فسيكون هناك أشخاص في واشنطن على استعداد للدفاع عن الرياض ودعمها رغم ما تقترفه من إساءات بحق الشعب اليمني.
منذ بدء التدخل السعودي في عام 2015، برر دعاة الحرب الهجوم على اليمن بمعارضة النفوذ الإيراني، ليظهر سخف تلك البروباغندا المعلنة مع مرور الزمن، فقد بدا أن النفوذ الإيراني ضئيل ومبالغ به، وبغض النظر، فإن شن حرب وحشية على المدنيين اليمنيين تسبب بهلاك ملايين الأبرياء، فالسعودية تطمح لفرض إرادتها على اليمن، وتنصيب حاكم خانع في صنعاء، ولكنها تحقق مرادها.

خلال العشرين سنة الماضية، هيمن على السياسة الأميركية حيال اليمن هاجسان، تمثل الأول بما سمي “الحرب على الإرهاب”، وأما الثاني فكان هوسها بإيران، مع العلم أن الولايات المتحدة لا تبدي اهتماماً لما تخلفه تلك الحروب من كوارث، وبدا أن معظم صناع القرار كانوا غافلين أو غير مكترثين للتداعيات التي ولدها هذا التعاطي مع الشعب اليمني، وإذا كان في نية بايدن اتباع سياسة بناءة وفعالة تساهم في استقرار اليمن وإنقاذه من الهاوية التي انحدر إليها، فينبغي عليه وضع البلاد وشعبها نصب عينيه، ومما ينبئ بالخير في الأسبوع الماضي ظهور مؤشرات تدلّ على بدء إدارة بايدن الإقدام على هذا الأمر، لذلك يجب حثها على المضي قدماً في هذا المسار خلال السنوات المقبلة.

ونافلة القول لا يوجد حل سحري لإنهاء التورط الأميركي في الحرب على اليمن، بل إن ما قام به بايدن ليس سوى خطوة أولى لإنهاء القتال ومن المؤسف أن تتأخر قرابة ست سنوات، ولا ريب أن الملامة تقع على عاتق الإدارة السابقة نظراً لرفضها اتخاذ إجراء على مدى سنوات أربع الأمر الذي لم يستغرق مع بايدن سوى أسبوعين للقيام به، فالدمار الذي لحق بالبلاد في الأعوام الفائتة لن يستدرك بسهولة ويسر، إذ تتطلب عملية الإصلاح انخراط الولايات المتحدة في تصحيح ما اقترفته الإدارة السابقة التي شاركت في تدمير اليمن وزجه في براثن الفقر، وبتقديرنا، يجب على واشنطن فعل ما بوسعها لمؤازرة اليمنيين ومساعدتهم على إعادة بناء بلادهم وتعافيها.
المصدر The American Conservative

آخر الأخبار
حي غزال في سبينة ..منسي خدمياً.. رئيس البلدية: الإمكانيات محدودة للارتقاء بواقع الخدمات الدعم العربي لسوريا في إعادة الإعمار يؤسس لشراكات اقتصادية واستثمارية سوريا ترسم هويتها العربية الجديدة على أسس المصالح المشتركة الشبكة السورية لحقوق الإنسان تعلن انطلاق عملها الرسمي من العاصمة دمشق  من العزلة إلى الانفتاح.. سوريا تعود لمكانها الطبيعي في البيت العربي التأهب مستمر لمنع تجدده.. السيطرة على حريق مشهد العالي في مصياف الدفع السياسي يعزز التعاون والتنسيق السوري العربي بمواجهة التحديات الأمنية لم تعد للجميع.. حدائق دمشق لمن يدفع المال تأهيل مهندسي القنيطرة وفق المعايير الحديثة  لماذا لا يُحوَّل سجنا تدمر وصيدنايا إلى متاحف توثّق الذاكرة وتُخلّد الضحايا..؟ الذكاء الاصطناعي ودوره في الوعي المعلوماتي لدى الشباب الجامعي نائب مدير البورصة لـ"الثورة": فترة جس النبض انتهت والعودة طبيعية اتفاقية بين مفوضية اللاجئين وجمعية خيرية كويتية لدعم السوريين في الأردن دور المغتربين السوريين في إعادة الإعمار .. تحويل التحديات إلى فرص هل حان وقت تنظيم سوق السيارات ..؟ وزير المالية يعلن خطّة تطوير شاملة لسوق دمشق للأوراق المالية التنمر الإلكتروني.. جرحٌ لا يُرى وضحايا لا تُسمَع أصواتهم قفزة في الصادرات الأردنية إلى سوريا بنسبة 454% في الربع الأول من 2025 لغز السيارات في سوريا .. يثير ألف سؤال حول توقيت قرارات السماح بالاستيراد أومنعه !!. الخضار الصيفية بدرعا تبحث عن منافذ للتسويق والتصدير