الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
يشكل تنظيم داعش، وغيره، مجرد غيض من فيض الصراعات الكامنة في أفريقيا، فالصراعات في غرب القارة مصنوعة من مواد أشد صرامة وأكثر قسوة من طواحين الهواء بفضل التدخل الفرنسي والأمريكي. إن الوضع الحالي ما هو سوى لعبة طويلة الأمد متكررة ومتقطعة لدعم الولايات المتحدة للاستعمار الفرنسي الكلاسيكي القديم والجديد لا سيما في مناطق الساحل الغربي الإفريقي الفقيرة والمعرضة للجفاف، على الحافة الجنوبية للصحراء الكبرى.
فهذه المنطقة كانت خالية من الإرهاب قبل أحداث 11 أيلول، وبعدها قامت فرنسا وأمريكا بتسهيل عمل التهريب والمخدرات وازدادت الجريمة ليصبح المكان كابوسًا ولعنة على أهله.
ثم أرسلت باريس جنودها في حملة إمبريالية جديدة من أجل القضاء المزعوم على ذلك الإرهاب، بعد المساعدة في إنشائه، لم ينتصر في هذه الحرب سوى “المتطرفين” الأكثر عنفًا والانتهازيين المدعومين من واشنطن وباريس اللتين كانت خسائرهما صغيرة جداً، وكالعادة الخاسر الأكبر هم الأفارقة المحليون.
أما الآن يأمل ماكرون ويطلب المساعدة من بايدن لإنقاذ حملة فرنسا المنهارة التي تتعثر يوماً تلو الآخر وتذهب إلى الفشل، فقد قُتل خمسة جنود فرنسيين في معارك داخل مالي خلال الأيام الخمسة الأولى من العام الجديد، و أصيب ستة جنود بجروح – ثلاثة منهم جروحهم خطيرة – خلال هجوم انتحاري في الثامن من كانون الثاني على قافلتهم.
كما ظهرت دعوات دولية لإجراء تحقيق محايد في أعقاب تقارير متعددة لشهود عيان تفيد بأن الضربات الجوية الفرنسية قتلت 19 مدنيا في حفل زفاف شرق وسط مالي في 3 كانون الثاني، رغم أن باريس ترفض هذه المزاعم، مدعية أن الضحايا كانوا مقاتلين متطرفين، لم يكن الفرنسيون وحدهم في أفريقيا بل هناك تدخل أمريكي دائم في أفريقيا إذ تنشر الولايات المتحدة حوالي 6000 جندي في إفريقيا – بما في ذلك حوالي 1400 في منطقة الساحل – لفترة من الوقت.
وقد قامت كل من فرنسا وأمريكا بدعم الكثير من الانقلابات العسكرية، وساهما معاً في قمع الحريات المدنية، وانتهاكات قوات الأمن الشريكة بمساعدة المنظمات غير الحكومية – وهي منظمات مقرها وتمويلها في أمريكا.
يقول وزير الخارجية الأمريكية السابق مايك بومبيو إنهم موجودون في إفريقيا لمواجهة التمرد، “ولفرض الشرعية، هذا هو الهدف الرئيسي من وجودنا هناك”، و”وجود سيادة القانون هو عامل رئيسي في ضمان القبول الطوعي لسلطات الحكومات المحلية”. حتى الآن لا يبدو أن الرئيس بايدن ولا وزير دفاعه – الجنرال المتقاعد لويد أوستن – قد تعهدوا بأي التزامات صارمة بشأن قوات إضافية للمهمة الأمريكية في منطقة الساحل الإفريقي، وكان العنوان الرئيسي في الصحافة الفرنسية بعد أن تحدث أوستن مع نظيره – وزير الجيوش الفرنسي بارلي – “البنتاغون لا يعد باريس بشيء بخصوص دعم عملية مكافحة “الإرهاب في منطقة الساحل”. نأمل هنا أن تصمد مجموعة بايدن لمرة واحدة، بالرغم من أن هناك الكثير من الإشارات المقلقة، فإذا اعتمدنا على التحالفات السابقة سنجد أن هناك أسساً صلبة لاستمرار هذا التعاون.
بقلم: داني شورسن
المصدر Antiwar