الثورة اون لاين – ادمون الشدايدة:
كل ما أظهرته المعطيات وقدمته التحقيقات من جرائم تثبت تورط الرئيس المهزوم دونالد ترامب بإشعال الفوضى في الداخل الأميركي أثناء الانتخابات الرئاسية، وخلال فترة انتقال الحكم إلى منافسه جو بايدن، إلا أن تبرئته كانت النتيجة المحققة خلال محاكمة عزله، والتي قدمها له الجمهوريون كعربون شكر على تلك الفوضى وذلك الإجرام الذي عرى ديمقراطية أميركا المزعومة وفضح وحشية توجهاتها السياسة، وهو بالتالي يظهر حقيقة أن ما قام به ترامب هو هوس مشترك بين أعضاء الحزب الجمهوري.
تلك الخطوة التي اتخذها الجمهوريون والتي أفضت لتبرئة ترامب، لم تخف حقيقة الانقسام الحاصل داخل الحزب الجمهوري حول ذلك القرار بين من يعتبر ترامب ورقة انتخابية رابحة لا يمكن للجمهوريين التخلّي عنها، وبين من يعتبره عبئاً يجب التخلص منه بعد تحريض أنصاره على استهداف الكابيتول.
فبعضهم وجدوا في ترامب المنقذ في وجه مشاريع الرئيس الحالي جو بايدن، كالسناتور ليندسي غراهام، أحد أشد الموالين للرئيس السابق، والذي قالها صراحة بأن هدفه هو الفوز بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس عام 2022 لوضع حد للبرنامج الأكثر تطرفاً الذي يرى أنه سينتج عن رئاسة بايدن، وأنه لا يمكن للحزب الجمهوري فعل ذلك بدون ترامب، وهذا مثال واضح عن توجهات الحزب الجمهوري في جعل الديكتاتورية أساس التعاطي، ويؤكد هوس رؤساء أميركا بشكل عام في استثمار الإرهاب ومخرجاته لتحقيق أهدافهم الانتخابية.
ومن بين الذين صوّتوا لتبرئة ترامب، زعيم الجمهوريّين السناتور ميتش ماكونيل الذي اعتبر أنّ مجلس الشيوخ غير مؤهّل لمحاكمة الرئيس السابق،لكنّه وجه انتقادات لاذعة له.
وقال في خطاب مطوّل “لا يوجد أيّ شكّ في أنّ الرئيس ترامب مسؤول من الناحيتَين العمليّة والأخلاقية على إثارة أحداث ذلك اليوم”، لكنّ غراهام اعتبر أنّ ذلك الخطاب “لا يُعبّر عن مزاج الجمهوريّين”.
غير أنّ زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ليس الداعم الوحيد الذي قطع ارتباطه بترامب.
فالمندوبة السابقة في الأمم المتحدة والمرشّحة المحتملة لانتخابات الرئاسة عام 2024 نيكي هايلي اعتبرت أيضًا، في حوار مع مجلّة بوليتيكو، أنّ الملياردير لا يمكنه بعد الآن الترشّح لمنصب فدرالي.
وفي تصريح لشبكة “إيه بي سي” الأحد، اعتبر السيناتور بيل كاسيدي، أحد الجمهوريين السبعة الذين صوتّوا لإدانة ترامب، أنّ الرئيس السابق حُرم من الأضواء التي صارت موجهة نحو بايدن ومِن حسابه على تويتر الذي لطالما كان منصته الإعلامية الأولى، ما يعني أن “قوّته ستتضاءل”، لكنّ كاسيدي تعرّض لانتقادات عنيفة من حزبه في لويزيانا.
بدوره، توقّع حاكم ميريلاند الجمهوري المعتدل لاري هوغان الأحد على شاشة “سي إن إن” أن “نشهد معركة حقيقية حول روحية الحزب الجمهوري في العامين المقبلين”.
وأعتبر أنّ “كثرًا من الجمهوريّين غاضبون لكنّهم يفتقرون إلى الشجاعة لقول ذلك، لأنهم خائفون” من خسارة مناصبهم في الانتخابات المقبلة.
وأكّدت الصحافيّة في شبكة “سي بي إس” مارغريت برينان أنّ نحو عشرين عضوًا جمهوريًا في مجلس الشيوخ صوّتوا لصالح تبرئة ترامب، رفضوا المشاركة في حلقة حوار تلفزيوني حول المحاكمة.
تلك المعطيات على ما يبدو أطلقت حنجرة ترامب نحو مزيد من التصريحات المستفزة، حيث قال إن حركة “أعيدوا لأميركا عظمتها” لا تزال في بدايتها، وهو لم يستبعد الترشح للرئاسة عام 2024.
من جهتهم، يسعى الديموقراطيون إلى تعميق الانقسامات بين الجمهوريين، وقال الرئيس الحالي جو بايدن إنه رغم تبرئة ترامب، إلاّ أنه لم يتم الطعن في التهم الموجهة إليه، كما يعتبرون بأنهم حققوا انتصاراً أخلاقياً وسياسياً يتيح لبايدن التفرغ للملفات الكبرى، وأبرزها خطة الإنقاذ الاقتصادي.
وصوتت غالبية أعضاء مجلس الشيوخ “57 من بين 100” لصالح إدانة ترامب، وبينهم سبعة جمهوريين، لكن إصدار حكم إدانة ومن ثم حكم بعدم الأهلية، كان يتطلب غالبية الثلثين “67 صوتا”.