الثورة أون لاين – منذر عيد:
جميعنا يدرك أن للولايات المتحدة الأميركية هدفاً عدوانياً رئيساً في سورية، وهو إضعاف الدولة السورية، وسرقة خيراتها، وصولاً إلى إنشاء كيان، إن لم يكن انفصالياً، فأقله يتمتع بحكم شبه مستقل عن وطنه الأم ويتبع للاحتلال، وتتمكن واشنطن من خلاله إيجاد موضع قدم دائم لها في سورية، إضافة إلى تحويله منطقة نفوذ للكيان الصهيوني، حال إقليم كردستان العراقي، أو ما شابه.
ولتحقيق هذا الهدف الاستعماري دعمت أميركا وقواتها المحتلة في سورية ميليشيا قسد، بهدف اتخاذها أداة لتنفيذ هذه المآرب إلا أن الواضح بعد البدء بذاك الهدف، أنه ثمة تخبط واضح في إكمال السياسة الأميركية في سورية، وغياب الرؤى الواضحة لها على أرض الواقع، فتميل تلك السياسة حيث مال هوى الإدارة التي تقبع في البيت الأبيض، مع تسيد قرار الدولة العميقة هناك.
سلسلة من التخبطات رافقت القرارات الأميركية منذ دخول قواتها المحتلة إلى سورية، بدأت بتصريحات وإجراءات، جعلت أميركا تصعد أعلى الشجرة في سورية، ومن ثم توالت التناقضات، وظهر مدى التخبط في السياسة الأميركية تجاه سورية، فكانت جل التحركات الأميركية على الأرض السورية، ضمن مجال التكتيك، بعيداً عن أي فكرة استراتيجية، وهو ما بدا مؤخراً من خلال سلسلة تنقلات وتغييرات قوات الاحتلال الأميركي في محافظة الحسكة.
أولى خطوات الهروب الأميركية الجديدة في عهد الرئيس جو بايدن، ومحاولة الخروج من المستنقع السوري، تصريحات “البنتاغون” أنّ قوات الاحتلال الأميركي الموجودة في سورية لم تعد مسؤولة عن حماية النفط وأن واجبها الأوحد، هو محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، إنما هو استثمار في الوقت، يؤكده عدم تغيير أي شيء في الميدان، فتلك القوات المحتلة ما زالت تتمركز وتحتل حقول النفط السورية، وما تم مؤخراً من نقل تمركز بعض قوات الاحتلال من منطقة إلى أخرى ليس سوى تكتيك.
قد تكون الولايات المتحدة الأميركية نجحت في بادئ الأمر بتحقيق شيء من خططها العدوانية، ولكن لاحقاً ومع تغير خرائط الميدان، وسيادة الجيش العربي السوري على معظم الأرض السورية، ودحر الإرهاب إلى زاوية ضيقة، أدرك المحتل الأميركي أي مأزق تورط به، ليبدأ بالبحث عمن يفتح له طريقاً للخروج من تلك الورطة، ليسلكها بصورة المنتصر، دونما التسليم بالهزيمة، رغم الخسارة في الحساب لديه بين الحقل والبيدر.