الثورة أون لاين- حسين صقر:
كثيرة هي الآفات الاجتماعية التي تنخر جسد المجتمع وتؤدي لضياع أفراده وتشتتهم، وكلما قلنا تلك آفة تؤذي أكثر من سابقتها، نرى أن تلك السابقة تشكل خطراً أكبر من الأولى، مايعني أنها لن تتفاوت بتلك المخاطر، وجميعها تترك آثاراً سلبية وتصيب التربية في الصميم، وتؤدي إلى عواقب وخيمة.
والآفات الاجتماعية كثيرة كالمخدرات والمسكرات والرشوة والتدخين والفساد الإداري والمالي و العنف الأسري وغيرها من الآفات.
وهذه الآفات بالتأكيد تؤثر سلباً على السلوك الإنساني، لأن الفرد هو اللبنة الأولى في المجتمع، والنواة التي تتشكل حولها الأسر التي تكونه، ويحتاج كل من هذه الآفات منها بحثاً كاملاً.
فالمخدرات مثلاً يؤثر تعاطي الفرد لها على أصعدة عدة، إلى جانب ما يقوم به هذا السلوك من تدمير لعلاقات الفرد الاجتماعية، ويمكن لمتعاطيها أن يدمر أنظمة الجسم ووظائفه الحيوية، وبالتالي الموت أو العجز الدائم إلى جانب تأثيره على الحالة الصحية للدماغ، كما قد تسبب تعاطي المخدرات لبعض أنواعها لأمراض احتشاء عضلة القلب ومشكلات أخرى، أو حتى تفاقم أمراض الفؤاد إن وجدت، كما تسبب أمراضاً تنفسية عدة ومشاكل في الدورة الدموية وضغط الدم.
و يتمثل حل مشكلة تعاطي المخدرات على الصعيد الوطني باتخاذ إجراءات عدة، كتنفيذ عدة مشاريع وقائية وعلاجية من قبل الجهات المتخصصة، و تشجيع برامج مكافحة غسيل الأموال المرتبطة بسوق المخدرات.
ولايقتصر الدور فقط على المؤسسات المختصة بل هناك دور آخر لمؤسسات التعليم عبر غرس القيم الإيجابية وتدعيم الوازع الديني الذي يشكل رادعاً ضد هذه الآفة من خلال المناهج التي تعطى فيها، و تعريف الطلبة بأضرار هذه المواد عن قرب من خلال طرق دراسة ما تسببه للفرد من مضار نفسية وصحية، و تفعيل دور الاختصاصيين النفسيين المتمثل في مراقبة الطلبة وسلوكهم خلال اليوم الدراسي لتجنيبهم هذه الآفة، بالإضافة إلى تقوية حلقة التواصل بينهم وبين الأهل.
ولاتقل المسكرات خطراً عن المخدرات، لأنها تؤدي بالتأكيد لنفس النتائج العضوية، والأمراض في الجسم واعتلال الأعصاب وارتخاء الجسم، والذي قد ينتج عنه “التبول والتبرز اللاإرادي”، فضلاً عن المشكلات العائلية التي تتسبب فيها، نتيجة غياب وعي الثمل، وصرفه الأموال وحرمانه تلك الأسرة منها، والسلوك الخاطئ الذي يمارسه أمام أطفاله نتيجة غياب العقل والإدراك وتفكك تلك الأسرة أولاً بأول.
وهناك أيضاً الرشوة والتي تعني تقديم مبلغ مالي معين أو شيء مادي ذي قيمة للتأثير على شخص ما وإقناعه بفعل أو سلوك خاطئ بطرق لا تتفق مع واجباته للحصول على منفعة معينة في الحياة اليومية.
وتعد الرشوة شكلاً من أشكال الفساد المالي والإداري، بسبب ما تحمله من دلالات غير أخلاقية تهدف إلى تحقيق مصالح معينة بطرق غير مشروعة.
وهناك أيضاً الفساد الإداري الذي يعني استغلال بعض أصحاب النفوذ ومواقع السلطة لمناصبهم بشكل غير نزيه عن طريق المعاملات غير السليمة، أو قبول الرشاوى، أو غسيل الأموال وتحويلها لتحقيق مصالح شخصية ما يؤدي إلى فقدان ثقة الأفراد في هذه المؤسسات وممارساتها.
ومن الآفات الاجتماعية أيضاً العنف الأسري وفي الشارع والحي والمدارس، و يعرّف بأنّه سلوك بدني أو لفظي يُمارس تجاه شخص ما بهدف إيذائه نفسياً أو جسدياً أو كليهما، ويشمل العنف أنواع متعددة من السلوك مثل القتل، والاعتداء، والسرقة، والاغتصاب وغيرها، كما يُشار إلى عدم وجود عامل وحيد يفسر هذه الظاهرة لدى مرتكبيها إلا أنه قد يُعزى إلى عدة عوامل منها الاستعداد الوراثي، أو سمات الفرد الشخصية نفسه، أو التعرض لإساءة المعاملة والإهمال كطفل.
فالآفات الاجتماعية كانت ولازالت من أكثر العوائق التي نواجهها في مجتمعنا وليس في مجتمعنا فقط، بل أصبحت ظاهرة منتشرة في جميع أنحاء العالم و في جميع الدول.
و في هذا السياق توضح الاختصاصية النفسية هدى كلاوي من أن سبب وجود تلك الآفات يعود إلى الاختلاط السيء بين الأفراد، و العادات والتقاليد غير الصحيحة التي تنتشر بين الأشخاص بعضهم ببعض، والأفكار غير السوية، وعدم القدرة على التمييز بين ما يجوز و ما لا يجوز، وكذلك قلة الثقافة لدى الأشخاص وأيضاً الفضول الإنساني غير محسوب العواقب و الذي قد يجعل الإنسان في تطلع دائم لتجربة كل شيء حتى لو كان خطأً.
وأضافت كلاوي أنه يمكن التخلص من جميع الآفات الاجتماعية بالابتعاد عن كل شخص غير سوي من المحيطين به، ومكافحة نفسه أولاً قبل أن يكافح أي شيء حوله، لأن جهاد النفس يكون أصعب من جهاد الأشخاص والأشياء.، ومعالجة المستوى السلبي ورفع المستوي الإيجابي عند الشخص والارتقاء بالعلم ومواجهة الجهل والخرافات، وإغلاق جميع أبواب الفتنة التي بسببها تجعل الشخص عرضةً لاتباع السلوكيات الخاطئة، والحد من التعرض للوسائل الإعلامية التجارية التي لها دور هائل في انتشار تلك الآفات في المجتمع بل تعتبر السبب الرئيسي لها.
ونوهت كلاوي بأنه إذا التزم كل فرد من أفراد المجتمع بما نصت عليه من عادات وتقاليد مجتمعنا السوية سيصبح نموذجاً جيداً لنفسه أولاً، ويليها أفراد مجتمعه