حلب أنموذجاً.. الأوقاف ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية

الثورة – فؤاد العجيلي:

استضافت كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور محمد عبد العزيز الشامي- دكتوراه في الاقتصاد الإسلامي- ليقدم محاضرة بعنوان “الأوقاف ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، استمع إليها عميد كلية الاقتصاد وعدد من أساتذة الجامعة وطلبتها ورجال الدين.

واستعرض المحاضر دور الأوقاف في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مركزاً على مدينة حلب كدراسة حالة، وقد تناول تاريخ الأوقاف، أنواعها، وأثرها على المجتمع والاقتصاد، بالإضافة إلى المشكلات المعاصرة والحلول المقترحة.

وعلى هامش المحاضرة أوضح الدكتور الشامي في حديثه لـ”الثورة” نشأة الأوقاف وتطورها، والتي كانت بدايتها في الحضارات القديمة، مثل اليونانية والرومانية كأملاك مخصصة للعبادة، وفي الإسلام تطور مفهوم الوقف ليشمل جوانب اجتماعية واقتصادية، فحثّ النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) الصحابة على وقف الأموال والعقارات لخدمة المجتمع، ومن الأمثلة البارزة وقف عثمان بن عفان لبئر رومة، ووقف عمر بن الخطاب لأرضه في خيبر.

وعدّد المحاضر أنواع الوقف، منها الوقف الخيري: وهو ما يُخصص ريعه لجهات البرّ العامة مثل المساجد والمدارس، والوقف الأهلي: يُخصص ريعه لأفراد أو عائلات معينة، والوقف المشترك: يجمع بين النوعين السابقين، ويُخصص جزء للخير وجزء للأهل.

وكشف الدكتور الشامي عن واقع الأوقاف في حلب ماضياً وحاضراً، إذ شهدت حلب ازدهاراً كبيراً بفضل الأوقاف خلال العهد العثماني، فقد تم بناء المساجد والخانات والأسواق التي ساهمت في التنمية العمرانية والتجارية.. ومن أبرز الأمثلة وقف محمد باشا دوكاكين، الذي شمل جامع العادلية وخان العلبية وأسواقاً تجارية، ما جعل حلب مركزاً تجارياً عالمياً، كما ظهرت الأوقاف المالية في العهد العثماني، إذ تم بموجبها وقف أموال نقدية تُستثمر لتمويل المشاريع الخيرية والتجار والحرفيين على شكل قروض ميسرة.

وعلى الرغم من الجدل الفقهي حول مشروعيتها انتشرت هذه الأوقاف في حلب وساهمت في تنشيط التجارة وبناء العمران فيها.

وأضاف المحاضر: إن الأوقاف منذ نشوء الدولة الحديثة وبالأخص بعد تولي النظام البائد الحكم في سوريا شهدت مرحلة انحطاط كبيرة ناتجة عن سوء الإدارة، فقد أدى دمج الأوقاف في مؤسسات الدولة وتداخل التخصصات إلى ضعف الثقة وتراجع دورها، إلى جانب التعدي على الأملاك الوقفية، حيث تعرضت العديد من الأوقاف للتلف أو الاستيلاء غير القانوني، إضافة إلى القوانين المقيدة: مثل قانون 1952 وقانون 1961 الناظم للأوقاف، والذي تم بموجبه إلغاء الأوقاف الذرية والمشتركة، ما قلّص دورها، وكذلك غياب الشفافية جراء عدم توافر بيانات واضحة عن إيرادات ومصاريف الأوقاف.

وأوضح الدكتور الشامي أنه ومع تولي الدولة الجديدة، فإن هنالك العديد من الحلول المقترحة والتي من شأنها النهوض بالقطاع الوقفي ووضعه في مساره الصحيح، وذلك عبر عدة إجراءات، منها إصلاح قانوني من خلال تعديل القوانين لتعزيز المشاركة المجتمعية وإعادة الأوقاف الذرية، وكذلك إنشاء جهات رقابية مستقلة للإشراف على إدارة الأوقاف، إضافة إلى إحياء الأوقاف المالية، والمتمثلة بإنشاء صناديق وقفية تستثمر الأموال في مشاريع تنموية، وحل مشكلة الفروغ، عن طريق تقديم تعويضات عادلة للمستأجرين وتوثيق العقود بشكل واضح، وتشجيع الأفراد والمؤسسات على المشاركة في إدارة الأوقاف.

وفي ختام حديثه أكد الدكتور الشامي أن الأوقاف تمثل إرثاً حضارياً واقتصادياً مهماً، وقد أثبتت تاريخياً قدرتها على دعم التنمية المجتمعية، لإحياء هذا الدور، يجب معالجة التحديات الحالية عبر إصلاحات قانونية وإدارية تعزز الشفافية والمشاركة المجتمعية، ما يسهم في تحقيق تنمية مستدامة.

آخر الأخبار
الرئيس الشرع إلى البرازيل.. فهم عميق للعبة التوازنات والتحالفات      هل يشهد سوق دمشق للأوراق المالية تحولاً جذرياً؟  لحظة تاريخية لإعادة بناء الوطن  وزير الاقتصاد يبحث مع نظيره العماني تعزيز التعاون المستشار الألماني يدعو لإعادة اللاجئين السوريين.. تحول في الخطاب أم مناورة انتخابية؟ صناعة النسيج تواجه الانكماش.. ارتفاع التكاليف والمصري منافس على الأرض القهوة وراء كل خبر.. لماذا يعتمد الصحفيون على الكافيين؟ إعادة التغذية الكهربائية لمحطة باب النيرب بحلب منظمة "يداً بيد" تدعم مستشفى إزرع بمستلزمات طبية إعادة الإعمار والرقابة وجهان لضرورة واحدة حملة لإزالة الإشغالات في أسواق الحميدية ومدحت باشا والبزورية محافظ درعا يبحث مع السفير الإيطالي الاحتياجات الخدمية والتنموية من الدمار إلى الإعمار... القابون يستعيد نبضه بالشراكة والحوار الموارد البشرية المؤهلة … مفتاح التغيير المؤسسي وإعادة البناء بدء مشروع تخطيط طريق حلب – غازي عنتاب كيف فرضت "البالة" نفسها على جيوب الحلبيين؟ سوريا تؤكد أمام اليونسكو التزامها بالتحديث التربوي الأمم المتحدة: بدء مرحلة ميدانية جديدة في سوريا للبحث عن المفقودين بعد سقوط النظام انتهاكات إسرائيلية ضد المدنيين وعمليات توغل هستيرية الشهر المنصرم صدام الحمود: زيارة الشرع لواشنطن تعيد سوريا إلى واجهة الاهتمام الدولي