الثورة – محجوب الرقشة:
خلال سنوات الحرب التي شنّها النظام المخلوع، عانت قرى وادي بردى من آثارها الظالمة، فشهدت حصاراً وتهجيراً، ولم تكن بمنأى عن المعاناة، إذ تعرّضت بعض القرى لتدمير جزئي، وتدهورشمل معظم مناحي الحياة، لكنّها صمدت، وبقيت ذاكرة أهلها حافلة بحكايات الصبر والانتماء للمنطقة، ورغم المحن تلملم اليوم جراحها، وتحاول استعادة نبضها الهادئ، بانتظار مشاريع دعم وتنمية تعيد إليها بنيتها التحتية، وتفتح المجال لعودة الحياة من جديد.
طموحات كبيرة نقلها عبر صحيفة الثورة بعض الأهالي والقائمين على الوحدات الإدارية في قرى وبلدات وادي بردى، لأجل توسيع وتحسين رقعة الخدمات، وتنشيط الزراعة، وإحياء السياحة البيئية، ولحظ الدعم من محافظة ريف دمشق، لإعادة الحياة إلى بيوتها وبساتينها.
الفيجة.. وآلام الحرب
رئيس مجلس بلدة عين الفيجة خليل عيسى بيّن أن البلدة لم تنجُ من آلام الحرب، إذ امتدت عليها يدُ الحصار والدمار، وشنت قوات النظام المجرم، في عام ٢٠١٦ حملة قصف عنيف على عين الفيجة، وأظهر النظام سيئ السمعة كلّ حقده بتسوية البلدة بالأرض تماماً في مشهد حزين جداً على قلوب أهالي وادي بردى من خلال رميها بالبراميل المتفجرة وتعفيش ما تبقى منها، واستملاك أغلب مساحتها.
وأشارعيسى إلى أن عين الفيجة يستقر فيها اليوم نحو 350 عائلة في منازل مرممة بالحد الأدنى، وسط مطالب ضرورية تحتاجها البلدة، لجهة ترحيل الأنقاض، واستبدال شبكة الصرف الصحي، وصيانة شبكة مياه الشرب، وإعادة بناء المجمع الحكومي الذي يضم الفرن والمحكمة والبلدية وفوج الإطفاء، والأهم ترميم المدرسة قبل بدء العام الدراسي القادم، ومساعدة الأهالي في ترميم البيوت القائمة، وإعادة إعمارالمهدم.
ولفت إلى ضرورة بناء المقسم الآلي، وترميم المركز الصحي المستوصف، وتعزيل النهر والسواقي، كاشفاً أن البلدة تفتقر إلى بنية تحتية في كافة المرافق، ومعظم الأهالي في حالة مادية صعبة وتحت خط الفقر، والكثير منهم لا يزال مهجراً ويسكن بالإيجار، الأمرالذي يستدعي إلغاء قانون الاستملاك رقم 1 لعام ٢٠١٨ الذي يتعلق بإنشاء حرم حول “نبع الفيجة”، بذريعة تنظيم استملاك العقارات والأراضي اللازمة لإنشاء هذا الحرم.
رفع الاستملاك
الزميل الإعلامي إياد حيدر من أهالي بلدة دير قانون، أكد أن البلدة تعتبر مركز وادي بردى ومن أكبر القرى مساحة وسكاناً، لكنها تنتظر أن تأخذ حقها من الاهتمام والاستثمار، لتعود كما كانت إلى وجهةٍ سياحية بيئية يقصدها الكثيرون، كونها تملك كل مقومات السياحة الريفية والجمال، والهدوء، والتاريخ، والمياه العذبة.
ودعا حيدر إلى رفع الاستملاك عن المنطقة العقارية ١٠/١ و١٠/٣ وإعادة الأراضي لفلاحي الوادي والقرى المجاورة (وضع اليد ضمن مناطق الحرس الجمهوري سابقاً)، والمساعدة على فتح الطرق الزراعية وتعبيدها، وإعادة النظربالمخطط التنظيمي لدير قانون والحسينية، وفتح طريق جانب نهر بردى مما ينشط السياحة الشعبية، وتحسين المدخل الجنوبي وإنارته، وتعديل نظام البناء في المنطقة الزراعية وإمكانية الترخيص على مساحة ٢٠٠٠ م، فضلاً عن تحسين شبكات مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء والطرقات.
مرحلة للتعافي
المحامي أنور مرعي من أهالي وسكان قرية الحسينية، أكد أن القرية لم تسلم من تبعات الحرب والحصار التي شنها النظام المجرم على قرى وبلدات الوادي، فشهدت التهجير والقصف والأحداث المؤلمة، التي لا تزال آثارها حاضرة في ذاكرة أهلها.
وقال مرعي: كمرحلة للنهوض والتعافي نطمح في القرية إلى تحسين البنية التحتية للكهرباء، فليس من المعقول الانقطاع شبه اليومي للكهرباء فترة التغذية في الحسينية ودير قانون وغيرها من قرى الوادي، أضف أن خزان المياه الرئيسي للحسينية تعرض للقصف والدمار من قوات النظام المخلوع، ويحتاج إلى إعادة تأهيل وصيانة حفاظاً على تسرب وهدر كميات المياه فترة تعبئة الخزان، مشيراً إلى ضرورة تأهيل الشبكة في القرية بالكامل، وعودة خطوط الهاتف والانترنت إلى الخدمة، إذ ومنذ أربعة أشهر، تعرضت الكابلات للنهب، ولا تزال المشكلة على حالها، والأهالي يدفعون الفواتير من دون أي خدمة.
ولفت مرعي إلى إحياء دراسة مشروع حجر المياه من خزان التكية إلى قرى برهليا وكفر العواميد والسوق، وتوسيع المخطط التنظيمي للسوق والحسينية، وتفعيل الطريق الزراعي بينها وبين بلدة الديماس تسهيلاً لخدمات الفلاحين، مؤكداً أهمية النهوض مجدداً في المشاريع المتنوعة بعد سنوات من الغياب عن المشهد التنموي والسياحي لقرى وبلدات وادي بردى.
إفقار وتصحير الوادي
رئيس بلدية كفير الزيت محمد جمال زينية، أكد أن النظام المخلوع اعتمد على سياسة ممنهجة في إفقار وتصحير أهالي وادي بردى، ثم تهجيرهم لاحقاً، وإهمال جميع الخدمات الأساسية سواء في مجال الصحة أو التربية أو الكهرباء أو المياه.
ولخص أهم المطالب الخدمية التي تحتاجها كفير الزيت لناحية استبدال شبكة الكهرباء، إذ أصبحت قديمة ومكلفة في أعمال الصيانة، ناهيك عن صيانة محولات الكهرباء بشكل عام وخاصة محولة بئر عبرة، واستبدال خط المتوسط والذي أصبح خطراً على حياة المواطنين، وإصلاح الآبار الخارجة عن الخدمة منذ سنوات سواء للشرب أو الزراعة، واستبدال شبكة الصرف الصحي وأنها إسمنتية قديمة.
ودعم آبار الشرب بخط كهرباء معفى من التقنين مع العلم أن المشروع متوقف بقرية بسيمة بدون أسباب، وإعادة إحياء بئر وادي اللوز التي تم ردمها وتعطيلها عن قصد في زمن النظام البائد وهذه البئر يمكن أن تغذي 75بالمئة من بلدة كفير الزيت، وتفعيل المستوصف، علماً أنه لا يمكن أن يقدم أي خدمة طبية ودعم البلدية بالإعانات المالية وبسيارة خدمة، حيث لا يوجد فيها أي آلية أو ميزانية، والسماح لأصحاب السرافيس في الوصول إلى جسر الحرية لتأمين نقل الركاب من الموظفين وطلاب الجامعات، بدلاً من جسر الوزان غير المؤهل بشهادة مديرية النقل والمرور في محافظة دمشق.
أهمية تاريخية
يعود تاريخ الاستقرار في وادي بردى إلى آلاف السنين، وقد مرّت عليه حضارات عدة من الآراميين إلى اليونان فالرومان والبيزنطيين، وصولاً إلى العهد الإسلامي ولا تزال بعض القرى تحتفظ بطابعها المعماري العتيق، إذ تنتشر البيوت الحجرية القديمة، والجوامع والمقامات الدينية.
ونبع عين الفيجة الذي اتخذ ضمن وادي بردى مكاناً للعبادة منذ أقدم العصور، وتتفجر مياه هذه العين بغزارة مدهشة من كهف في أسفل الجبل لترفد مياه نهر بردى بأكثر من نصف مياهه التي كان يحملها إلى دمشق.