الثورة – جاك وهبه:
في إطار جهود الإصلاح الضريبي التي تبذلها وزارة المالية، أعلنت لجنة الإصلاح الضريبي عن إنجاز مراجعة شاملة وتحديث لمرسوم ضريبة البيوع العقارية، بما يتماشى مع توجهات الحكومة لبناء الثقة مع المواطنين وتحقيق العدالة الضريبية وتبسيط الإجراءات.
وشملت التعديلات التي تم اعتمادها مؤخراً سلسلة من الإجراءات الجذرية التي تمثل تحولاً كبيراً في النظام الضريبي العقاري.
إلغاء القيمة الرائجة والإيداع البنكي
أبرز التعديلات تمثلت في إلغاء العمل بنظام “القيمة الرائجة” الذي كان يعتمد لتحديد الضريبة، وتم بدلاً منه اعتماد التصريح المقدم من البائع والمشتري كأساس في احتساب ضريبة البيوع العقارية، بما يعكس قيمة الصفقة الحقيقية ويعزز من مبادئ الشفافية والثقة بين الأطراف.
وفي خطوة لتسهيل عملية البيع والشراء، تم التوجه لإلغاء شرط الإيداع البنكي في عمليات البيوع العقارية، وذلك ضمن خطة أشمل لتبسيط الإجراءات واعتماد مبدأ “النافذة الواحدة”، الذي يتيح للمواطنين إتمام كافة المعاملات من مكان واحد، مما يوفر الوقت والجهد ويقلل من التعقيدات الإدارية.
كما أقرت التعديلات دمج الرسوم المختلفة ضمن ضريبة واحدة، تشمل كافة الإضافات مثل رسوم الإدارة المحلية، رسم إعادة الإعمار، رسم الطابع على نسختين، وأي رسوم أخرى، وبهذا تكون ضريبة البيوع العقارية شاملة ومبسطة، وفقاً للنسب التالية 1,5 بالمئة للعقارات السكنية، 2 بالمئة للأراضي الواقعة خارج المخطط التنظيمي المصدق، 3 بالمئة للأراضي داخل المخطط التنظيمي المصدق، 4 بالمئة للعقارات التجارية (غير السكنية).
وفي هذا السياق، أكد وزير المالية الدكتور محمد يسر برنية في منشور له على منصة “لينكد إن” أن المعدلات المستخدمة في ضريبة البيوع العقارية تُعتبر الأقل بالمقارنة مع دول الجوار والدول العربية الأخرى.
وأضاف: إن الوزارة ستعمل على بناء قاعدة بيانات للمعاملات العقارية، بهدف تعزيز العدالة وكشف المخالفات.
واختتم تصريحه بالقول: إن هذه الإصلاحات تمثل خطوة أخرى في بناء الثقة بين وزارة المالية والمجتمع.
طي صفحة الماضي
من جانبها أوضحت اللجنة أن مراجعة الوقائع العقارية والبيوع لن تشمل أي عمليات تمت قبل عام 2021، في خطوة وصفت بأنها تهدف إلى “طي صفحة الماضي” وتجنب تراكم المشكلات السابقة، وإيجاد حلول للبيوع القديمة التي لم تسدد ضرائبها سابقاً.
وشمل المرسوم الجديد قائمة واسعة من الإعفاءات الضريبية لأسباب اجتماعية وإنسانية، أبرزها الهبة والإعارة بين الأصول والفروع والأزواج، نقل ملكية العقار من شركة أشخاص إلى شركة أموال، عقود الإيجار للعقارات السكنية المؤجرة للسوريين ومن في حكمهم، إعفاء عمليات التراجع عن البيع (النكول) من الضريبة.
كما تم تنظيم ضريبة الإيجار العقاري ضمن نفس الإطار الشامل، وفقاً للنسب التالية: 0 بالمئة للعقارات السكنية المؤجرة للسوريين، 1.5 بالمئة للعقارات السكنية المؤجرة لغير السوريين، 1.5 بالمئة للأراضي ضمن المخطط التنظيمي المصدق، 2.5 بالمئة للعقارات التجارية، وتشمل الضريبة جميع الإضافات والرسوم المرافقة، ما يعزز من شمولية النظام الضريبي ويقلل من التداخلات الإدارية.
آلية رقابية تعتمد على التقنيات الحديثة
رغم اعتماد التصاريح الذاتية من قبل البائع والشاري كأساس لحساب الضريبة، فقد أكدت وزارة المالية أنها ستخضع هذه التصاريح إلى تدقيق لاحق عبر لجنة مختصة برئاسة قاض، تعتمد في عملها على تقنيات حديثة لتحليل البيانات واختيار عينات عشوائية للفحص وفقاً لمعايير إدارة المخاطر، وفي حال اكتشاف مخالفات، تُفرض غرامات تعادل مثلي فرق الضريبة، وتكون المسؤولية القانونية بالتكافل والتضامن بين طرفي العقد.
هذا وتسعى وزارة المالية من خلال هذه الإصلاحات إلى جعل النظام الضريبي العقاري السوري أكثر تنافسية على مستوى دول الجوار من حيث النسب والإجراءات، بما يعزز من جاذبية السوق العقاري ويسهل حركة البيع والشراء، من دون أن يتعارض ذلك مع مبدأ العدالة في التحصيل الضريبي.
بهذه الحزمة من التعديلات، تُحدث وزارة المالية نقلة نوعية في إدارة الضريبة العقارية، مؤكدة أن بناء الثقة مع المواطنين، وتسهيل الإجراءات، وتحقيق العدالة، هو جوهر عملية الإصلاح الضريبي التي تمضي بها البلاد قدماً رغم التحديات.