توقعات بتفاقم الفقر المائي.. د. جورج صومي: إغلاق الآبار في حرم الينابيع المخصصة لمياه الشرب مباشرة
يرى خبير في الري واستصلاح الأراضي الدكتور جورج صومي ضرورة اتخاذ جملة من الإجراءات الضرورية التشريعية والفنية والإدارية لحسن إدارة الموارد المائية واستخدامها حرصاً على مبدأ الاستدامة، مبيناً أن سوريا تعاني من الفقر المائي، والوضع مرشح للتفاقم نتيجة للتغيرات المناخية وخاصة في إقليم شرق المتوسط.
وبين أن المعطيات المتاحة للموارد المائية بمختلف مصادرها (الجوفية، والسطحية، وغير التقليدية) تشير إلى أن حصة المواطن السوري من المياه، هي بحدود (600 – 630) متراً مكعباً بالسنة لسنة متوسطة، وتقل عن ذلك لاحتمال 75 بالمئة.

تحديات وصعوبات
وهنا نجد أنه لا توجد اتفاقيات نهائية مع بلد المنبع، ففيما يخص نهري الفرات ودجلة -وبحسب صومعي- فإن العلاقة مع بلد المنبع (تركيا)، لا تزال تحكمها بنود بروتوكول عام 1987 المتضمن التزام تركيا بتأمين 500 متر مكعب بالثانية وأكثر لكل من سوريا والعراق، (حتى الآن لم تتم المصادقة على وثيقة استخدام المجاري المائية للأغراض غير الملاحية)، وهناك الاتفاقية السورية العراقية التي حددت نسبة 58 بالمئة حصة العراق عند موقع البوكمال من إجمالي الوارد في جرابلس، و48 بالمئة حصة سوريا.
ووجد الدكتور صومي أن الحل المقترح هنا أن يتم الاتفاق مع العراق على الطرح المشترك بتقسيم إجمالي واردات الفرات السنوية مثالثة بين الدول الثلاث (تركيا، سوريا، العراق)، وفي حال عدم الموافقة من قبل تركيا فيمكن تحويل بنود البروتوكول السوري التركي لعام 1987 إلى اتفاق نهائي مع الحفاظ على النص المتضمن التزام تركيا بتأمين 500 متر مكعب بالثانية وأكثر.
وبالنسبة لنهر دجلة وجد الدكتور صومي ضرورة في الاتفاق مع تركيا لتحديد حصة سوريا، مع الإشارة إلى الاتفاق السوري العراقي على استجرار 1.25 مليار متر مكعب بالسنة وفق برنامج محدد لمصلحة مشروع ري دجلة.
إضافة لذلك لا بد من إدراج موضوع نهر الجغجغ في أي مباحثات سورية تركية، وهذا يتطلب تشكيل مجموعة عمل فنية حقوقية لبحث كل الأمور المتعلقة بالمياه الدولية ومراجعة الاتفاق السوري اللبناني (حول نهر العاصي) ومدى التزام الأطراف بمضمون الاتفاق.
المياه الجوفية
ويشير إلى أنه قبل ذلك في العام 2001 نضبت ينابيع نهر الخابور وتوقف جريانه الطبيعي، ما أدى لبقاء المساحة المستصلحة (64) ألف هكتار في حوض الخابور من دون مورد مائي، وحصل أيضاً انخفاض كبير في مناسيب معظم الأحواض باستثناء حوض الساحل، مما أدى إلى زيادة تكاليف الضخ، إضافة إلى تغيرات نوعية المياه.
وضمن هذا الإطار يقترح الدكتور صومي اعتماد المعلومات الإحصائية لعام 2001 كأساس لتحديد الآبار المخالفة، والمنع الفوري لحفر الآبار في كافة الأحواض والإغلاق الفوري للآبار الواقعة في حرم الينابيع المخصصة لتأمين مياه الشرب، أو لتأمين مياه لمشاريع الري، واعتماد التشاركية في استثمار المياه الجوفية بين المستفيدين، وتركيب عدادات نظامية، واعتبار عدم تركيبها جريمة تعدي على الأملاك العامة، وإلزامية استخدام التقنيات المناسبة كأساس لتجديد ترخيص البئر، وزيادة رسوم المياه وخاصة على المسابح العامة والخاصة والفنادق والجامعات والمستشفيات والفنادق، لافتاً إلى ضرورة تقييم نشاط صندوق تطوير الري المحدث.
أما بخصوص مشاريع الري فهي مقامة على الطريقة التقليدية بحسب الدكتور صومي، وهذا أدى لكفاءة منخفضة في الأداء، داعياً إلى ضرورة تحسين الكفاءة الهندسية لهذه المشاريع باعتماد المبدأ الهندسي حسب الطلب عند إقامة المشروع، مع إعادة تأهيل كافة المشاريع لرفع كفاءتها إلى حدود 80 بالمئة، مع ضرورة لحظ الكفاءة الاقتصادية المرتبطة بإنتاجية وحدة المساحة ومردودها بالمقارنة مع كمية المياه اللازمة.
وبالنسبة لمشروعي نقل المياه إلى دمشق من حوض الساحل ومن حوض الفرات، فقد رأى الدكتور صومي أن نقلها من حوض الفرات هو حل أكثر منطقية لجهة نوعية المياه، والتكاليف، وفرق المستوى الجغرافي بين المصدر والمنطقة المستهدفة عن طريق البادية، إضافة لإمكانية تزويد المدن والبلدان الواقعة على المسار، لكن هذا يتطلب أولاً اتفاق نهائي حول حصة سوريا من الفرات قبل المباشرة بمشروع كهذا.
ودعا الدكتور صومي إلى ضرورة وضع مخطط مائي لسوريا يبين تطور الطلب على المياه لغاية 2050 والنقاط الحرجة وكيفية تداركها، وضرورات نقل الموارد من حوض لآخر، والمباشرة بتقدير الطلب على مستوى الوحدة الإدارية بالربط مع احتمالات النمو السكاني، مع ضرورة إعادة الاعتبار لوزارة الموارد المائية لتتمكن من معالجة الواقع المائي وصعوباته.