أحلامٌ سرقتها النيران.. حكاية عائلة من جبال الساحل

الثورة – علا محمد:

نارٌ تتصاعد من أعالي الجبال، تلتهم مئات من أشجار الصنوبر والزيتون والرمان، على هول هذا المشهد، استيقظ أهالي قرية “الفلك” الواقعة في ريف اللاذقية الشمالي، لم تكن تلك مجرد حرائق عادية، بل كانت كارثة حقيقية حلت على أهل المنطقة.

خطوطٌ حمراء كانت تلوح في السماء ليلاً من قوة اللهب، مشكّلة لوحةً درامية مرعبة، الحياة الطبيعية توقفت، وأغلقت الطرقات، فيما كان رجال الإطفاء والمتطوعون يبذلون جهوداً كبيرة للسيطرة على النيران قبل أن تلتهم المنازل، وما تبقى.

وفي عيون الأهالي كان الأمل يتلاشى وهم يشاهدون كيف أن النيران قضت على ماضيهم، على أشجار الزيتون، على أحلامهم الصغيرة.

أيامٍ مشتعلة

النيران، واليوم “انطفأت النيران، والروح معها”.. قالها العم عماد- رب أحد العائلات في تلك القرية حين سئل عن تلك الأيام، تنهّد ثم بدأ يروي الحكاية لـ “الثورة” بصوت يحمل عبق اليأس والأمل معاً: “كانت تلك الأرض، حلمي، مباركة بكل شيء، بالهواء العليل، وأشجار الزيتون، وذكريات الطفولة، كنا نزرع ونحصد، نعيش على حلم أن نعمرها بأيدينا، ونورثها لأبنائنا، لكن قبل أيام، دخلت النيران مثل وحش جائع، أَحرقت كل شيء، أحرقت حلمنا، أحرقت روحنا”
لم تكن مجرد أرض توقف العم عماد لبرهة، ثم تابع: “لم تكن مجرد أرض، كانت رمز حرمان وسند، كانت الأمل الذي نعتمد عليه بعد الله، نقضي فيها أيامنا، ونشاهد أحفادنا يمرحون بين الأشجار، لكن الله كتب غير ذلك” أم عادل، ابنة العائلة، قالت حين سُئلت عن شعورها: “كل لحظةٍ، كانت بمثابة جرح جديد يترك أثره، كنا نصرخ من قهرنا، لكننا أدركنا أنه علينا الوقوف، أن نبدأ من جديد، رغم أن الأرض سرقت منا، إلا أن الأمل باقٍ في قلوبنا”.

فقدت العائلة كل شيء بين ليلة وضحاها، لم يبقَ سوى الرماد، والذكريات، وقلب يعتصره الألم، تلك النيران كانت اختباراً قاسياً لعزيمتهم، ودرساً في الصبرمئات الأشجار التهمتها النيران، شملت مساحات واسعة من أراضي عائلة العم عماد، وبحسب قوله، اقتربت النيران بشكل خطير من المنازل، إذ كانت على بعد أمتار قليلة من بعض المباني القديمة، ولم يتبقَ غير حائط واحد يفصل بين ألسنة اللهب والسكن، ما دفع فرق الدفاع المدني السوري لإخلاء المنازل من سكانها.

أما عن الحيوانات، فقال العم عماد: “لقد تسببت النيران أيضاً في أذية حيواناتنا البرية والطيور، التي كانت تتخذ من هذه الغابات موطناً لها، فقد قتل الكثير منها، وتركت الأنهار والجداول محملة بالرماد والملوثات.

سنزرع من جديد وبصوت مخنوق

أنهى العم عماد ( ٧٥ عاماً ) حديثه معنا بقوله: “لن ننسى أبداً يا ابنتي، لكننا سنحاول أن نزرع من جديد، أن نبني حياة لا تستسلم للريح، وأن نزرع الأمل في أرضنا التي لا تزال في القلب، رغم كل شيء”.. قرية “الفلك” وكل القرى التي حُرقت أراضيها ستكون رمزاً للتحدي، وتأكيداً على أن الحياة دائماً تلتئم، وأن الجهود الجماعية يمكن أن تعيد الأمل لمن خسروا أرضهم، وأحلامهم.

آخر الأخبار
الجنرال فوتيل يبحث مع وزير الطوارئ جهود التعافي والاستقرار الإعلام السوري في عصر التحوّل الرقمي..يعيد صياغة رسالته بثقة ومصداقية سوريا تفتح صفحة جديدة من التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سوريا نموذج للسياحة الثقافية في المعرض المتوسطي للسياحة الأثرية بإيطاليا الرئيس الشرع يناقش مع وزارة الداخلية الخطط والبرامج المستقبلية لتعزيز الأمن والاستقرار جدار استنادي لمدخل سوق المدينة في حلب القديمة مصطفى النعيمي: "قسد" رهينة الأجندات الخارجية  مؤيد القبلاوي: انتهاكات "قسد" تقوض اتفاق الـ10 من آذار  القنيطرة تتحدى.. السكان يحرقون مساعدات الاحتلال رداً على تجريف أراضيهم انطلاق الملتقى الحكومي الأول لـ "رؤية دير الزور 2040" الشيباني يعيد عدداً من الدبلوماسيين المنشقين عن النظام البائد إلى العمل ظاهرة جديدة في السوق السورية "من لا يملك دولاراً لا يستطيع الشراء" سرقة الأكبال الهاتفية في اللاذقية تحرم المواطنين من خدمة الاتصالات حقوق أهالي حي جوبر على طاولة المعنيين في محافظة دمشق غزة أرض محروقة.. لماذا قُتل هذا العدد الهائل من الفلسطينيين؟ سيارة إسعاف حديثة وعيادة جراحية لمركز "أم ولد" الصحي بدرعا المفوضية الأوروبية تخصص 80 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين في الأردن تحديات وصعوبات لقطاع الكهرباء بطرطوس.. وجهود مستمرة لتحسينه زيارة الشرع إلى واشنطن إنجاز جديد للسياسة الخارجية السورية بحث تعزيز التدابيرالأمنية في "الشيخ نجار" الصناعية بحلب