“تين الهبول” صناعة ما زالت تحافظ على ألقها في الأرياف

الثورة – زهور رمضان:

يعتبر تين الهبول أحد أشهر طقوس الريف السوري الممتزج مع ذكريات الطفولة وأيام الصيف والخريف الجميلين، كونه مرتبط بموسم قطاف التين، الذي اعتادت عليه أغلب عائلات الريف، من بداية شهر تموز وحتى نهاية تشرين الأول من كل عام.

ومع تطور وسائل وأدوات الصناعة الحديثة اليوم بعد بناء العديد من المصانع الخاصة والعامة التي تتفنن في التصنيع، كالمربيات وغيرها، وتوفيرها لموائد المواطنين، إلا أن تين الهبول الجبلي يبقى جزءاً من تراث السوريين ومهنة متوارثة حافظت الأجيال عليها إلى يومنا هذا.

في هذه السطور نسلّط الضوء على لقطة تراثية تعكس في تفاصيلها أجواء اجتماعية رائعة مفعمة بالألفة والمحبة والدفء الاجتماعي، وهي الحلوى التقليدية “هبّول التين”، التي ارتبطت بالعادات والتقاليد الشعبية المتنوعة، والتي يتم تحضيرها في نهاية فصل الصيف، حيث تُقدّم كنوع من الضيافة بعد وضع قطع الجوز اليابس داخلها.

مراحل الهبول

يقول أبو محمود المسن الذي تجاوز التسعين أنه لا ينسى في أيام شبابه عمله في جني محصول التين والمتعة التي كان يعيشها حيث يوقظه والديه من الفجر لقطاف ثمار التين التي يجري تقسيمها لثمار مخصصة للأكل مباشرة وأما الثمار الطازجة جداً فيتم تجميعها وتجفيفها لعدة أيام لاستخدامها لاحقا بتصنيع هبول التين، عبر فتح الحبّات الجيدة ونشرها على أحجار كبيرة أو منطقة من الحجارة المجمعة تدعى “الرعش” وتدعى هذه العملية بالتسطيح، إذ يتم تجميع الثمار الجافة في نهاية فصل الصيف.

بعد ذلك يتم تجهيزها بوضع قدر من الماء عل النار حتى الوصول لدرجة حرارة التبخر ثم تبدأ عملية تبخير ثمار التين المجفف ضمن غربال لتترك على بخار الماء، حيث تبدأ عملية التبخير التي تدعى اصطلاحاً “التهبيل” من خلال صعود قطرات بخار الماء لتُكسب حبات التين الجافة الليونة المطلوبة.

التهبيل

بينما يضيف بسام شاعر أنه وبعد مرحلة تهبيل التين تبدأ عملية طحن التين المرطب إما بالطاحونات اليدوية أو تقطيعه بالسكين لقطع صغيرة جداً ثم يجمع على شكل قطع صغيرة من التين التي تسمى بالعرف الشعبي هبول التين ويختلف حجم الهبول بين منطقة وأخرى فقد كانت نساء القرية يفضلن تصنيع الهبول الكبير الذي يعتبر وجبة غذائية بحد ذاته فقد يصل وزن الواحدة منها حوالي ربع كيلو غرام بينما تفضل نساء هذه الأيام الهبول الصغير الذي يمكن تقديمه ضمن أطباق ضيافة جاهزة.

حلوى التين

في حين لفتت تمرة المحمود المسنة التي تجاوزت الثمانين أن لها باعاً طويلاً في تصنيع الهبول الذي كان مهنتها للتجارة حيث تذكر أن الناس قديماً وما زالوا يمارسون تصنيع أنواع الحلوى المتنوعة من التين، وتفننوا بذلك موضحة أنه يمكن تهبيل التين بهرسه في جرن حجري حتى يصبح كالعجينة، أو طحنه بالطاحونة التقليدية لتتشكّل في النهاية كرات تسمى “هبابيل”، لتقوم بتغطيسه بمادة الفريفور وهي نخالة القمح الناعمة التي تنتج من بقايا جرش البرغل، أما اليوم فقد تعددت أشكال تصنيعه فمنهم من يغطيه بجوز الهند، مع إضافة السمسم، وبعض المكسرات كاللوز والجوز.

التين العدي

بينما تذكر لارا مرعي أن اختيار نوع التين اللازم كالتين الأحمر أو الأصفر هو المناسب لصنع الهبول المطلوب تجارياً، وبينت أن النساء تفضل أن تختار ثمار التين غير المسقي التي تعتمد على مياه الأمطار والمسماة “بالعدي” حيث تُفتح الحبّات الجيدة من الأعلى وتُنشر على سطوح المنازل على طبق وتدعى هذه العملية بالتسطيح، أو ربما توضع على حصيرة من القصب لمدة عشرين يوماً حتى يجف من الماء ثم يُجمع لتبدأ عملية التهبيل أو التبخير.

وجبة غذائية

أما فطوم الأحمد فقد ذكرت أنها تصنع تين الهبول منذ كانت صغيرة بعدما تربت على هذه العادة مع أهلها وحتى في بيت زوجها وتضيف أن أشكال جديدة لحلوى التين يمكن تصنيعها كخيط من قطع التين اليابس المشكل على شكل حبال طويلة ولافتة.

وبالتالي فإن وجبة غذائية من التين كافية لغذاء الرجل الريفي أو المرأة لأنه كان مصدر غذائهم الوحيد بالإضافة للزبيب.

فوائد جمة

وبهذا الخصوص بينت الصيدلانية رنيم عبد الكريم أنّ لهبول التين فوائد كثيرة، فهي تحسن صحة الجهاز الهضمي بفضل الألياف، كما تحتوي على الكالسيوم المفيد للعظام، وتسهم في خسارة الوزن من خلال الشعور بالشبع، وللتين أيضاً دور في تنظيم ضغط الدم والكولسترول، كما أنها تشكّل مصدراً للطاقة والفيتامينات والأملاح المعدنية.

إن صناعة تين الهبول مهنة تراثية عريقة لا يعرف التاريخ بدايتها لكنها قديمة جداً ولكي يظلّ تراثنا العريق متوهجاً على مرّ الزمن، لا بدّ من توثيقه بما يضمن وصوله للأجيال القادمة التي يترتب عليها الحفاظ عليه.

آخر الأخبار
 القنيطرة تتحدى.. السكان يحرقون مساعدات الاحتلال رداً على تجريف أراضيهم انطلاق الملتقى الحكومي الأول لـ "رؤية دير الزور 2040" الشيباني يعيد عدداً من الدبلوماسيين المنشقين عن النظام البائد إلى العمل ظاهرة جديدة في السوق السورية "من لا يملك دولاراً لا يستطيع الشراء" سرقة الأكبال الهاتفية في اللاذقية تحرم المواطنين من خدمة الاتصالات حقوق أهالي حي جوبر على طاولة المعنيين في محافظة دمشق غزة أرض محروقة.. لماذا قُتل هذا العدد الهائل من الفلسطينيين؟ سيارة إسعاف حديثة وعيادة جراحية لمركز "أم ولد" الصحي بدرعا المفوضية الأوروبية تخصص 80 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين في الأردن تحديات وصعوبات لقطاع الكهرباء بطرطوس.. وجهود مستمرة لتحسينه زيارة الشرع إلى واشنطن إنجاز جديد للسياسة الخارجية السورية بحث تعزيز التدابيرالأمنية في "الشيخ نجار" الصناعية بحلب اقتصاد محصول الحمضيات "لا معلق ولا مطلق" والوعود "خلبية" سوريا ولبنان تسعيان إلى تعزيز التعاون وتجاوز العقبات الماضية بخطط استثمارية وتصديرية.."الدواجن" تعيد تموضعها في السوق " ذهب ومهر" .. حين يتحول الزواج إلى حلم مؤجل في حلب نقص الأعلاف يعيد تشكيل معادلة الإنتاج الحيواني والاقتصاد المحلي دعم مادي لمجموعة الحبتور الإماراتية في تأهيل مراكز المتسولين والإعاقة رحّال يتفقد مديرية نقل حلب ويؤكد أهمية الارتقاء بالخدمات قطاع الخدمات بين أزمة الكهرباء والتوازن الاقتصادي