قطاع الخدمات بين أزمة الكهرباء والتوازن الاقتصادي

الثورة – ميساء العلي:

يمثل قرار ارتفاع أسعار الكهرباء محاولة لإنقاذ قطاع حيوي من الانهيار، لكن ثمن هذه المحاولة يبدو مرتفعاً جداً على المواطن والاقتصاد الوطني.

النجاح في تحسين الخدمات الكهربائية دون التسبب بكارثة معيشية سيعتمد على قدرة الحكومة على الوفاء بوعودها وتحقيق تحسن ملموس وسريع في خدمة التيار الكهربائي، مع وجود شبكة أمان اجتماعي تحمي الفئات الأكثر هشاشة.

هنا نسأل عن مستقبل الخدمات الكهربائية؟

بحسب رأي مهندس الطاقة أيمن خليل فإن قرار رفع التعرفة الكهربائية يضع مستقبل الخدمات الكهربائية على مفترق طرق، مع وجود عدة سيناريوهات وتحديات، وأضاف في تصريح لـ”الثورة”: إنه من المتوقع أن يدفع الارتفاع الكبير في الأسعار لتحول متسارع نحو الطاقة الشمسية كمصدر بديل، وقد يدفع المواطن نتيجة الفاتورة الكبيرة إلى التعدي على التيار الكهربائي أو التوقف عن دفع الفواتير.

بالمقابل يؤكد بعض الخبراء أن معالجة مشكلة الكهرباء لا تحل من خلال الصدمة السعرية وحدها، بل تحتاج إلى إصلاحات أوسع تشمل فتح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في قطاع الطاقة، وتركيب العدادات الذكية، وبناء آلية دقيقة لقياس الاستهلاك.

الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي قال في حديثه لـ”الثورة”: إن قطاع الخدمات يُعد أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الوطني، نظراً لدوره الحيوي في تشغيل المؤسسات التجارية، والمرافق العامة، والمنشآت السياحية، والتعليمية، والصحية، إلا أن هذا القطاع واجه في السنوات الأخيرة تحديات جسيمة نتيجة الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف التشغيل بشكل غير مسبوق، وتهديد استمراريته في السوق.

حلول

وأضاف قوشجي في تكاليف الانقطاع: إنه مع تفاقم أزمة الكهرباء، اضطر العديد من مزودي الخدمات البحث عن حلول بديلة لضمان استمرارية أعمالهم، تمثلت هذه الحلول في الاعتماد على مولدات تعمل بالمازوت، أو الاستثمار في الطاقة الشمسية والبطاريات، أو حتى تقليص ساعات العمل.

هذه البدائل، رغم ضرورتها كما يقول قوشجي حملت تكاليف تشغيلية ورأسمالية مرتفعة، أثقلت كاهل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتسببت في خروج عدد كبير منها عن الخدمة مؤقتاً أو دائماً.

وتابع كلامه بالقول: إن الكهرباء ليست كافية مع تحسن توفر التيار الكهربائي، ومن المتوقع أن يعود جزء كبير من قطاع الخدمات إلى العمل، إلا أن هذه العودة لن تكون تلقائية أو سهلة، بل مشروطة بإعادة هيكلة التكاليف والأسعار، فالمؤسسات التي تكبدت خسائر كبيرة ستواجه تحدياً في تسعير خدماتها بما يضمن تغطية التكاليف وتحقيق هامش ربح، دون أن تفقد قدرتها التنافسية في السوق.

من الاحتكار إلى المنافسة

وأشار فوشجي إلى ضرورة التكيف في ظل غياب السوق الاحتكارية، ووجود بدائل متعددة أمام المستهلك، هنا لم يعد بإمكان المؤسسات رفع أسعارها بشكل غير مدروس، بل يتوجب عليها بناء ميزانيات جديدة تأخذ بعين الاعتبار تكلفة الكهرباء المستجدة، وتحدد نسب ربحية أقل من السابق، لضمان البقاء في السوق.

هذا التحول بحسب قوشجي يتطلب، إعادة تقييم نموذج العمل والتكاليف التشغيلية، وتحسين الكفاءة الداخلية وتقليل الهدر، اعتماد تسعير مرن يتماشى مع قدرة المستهلك الشرائية، الاستثمار في الطاقة المستدامة لتقليل الاعتماد على الشبكة العامة مستقبلاً.

وفي النهاية، إن التحدي الحقيقي أمام قطاع الخدمات لا يكمن فقط في تجاوز أزمة الكهرباء، بل في بناء نموذج اقتصادي مرن ومستدام، قادر على التكيف مع تقلبات الطاقة، وتحقيق التوازن بين الجودة والسعر.

وهذا يتطلب تعاوناً بين القطاعين العام والخاص، لتوفير بيئة تنظيمية داعمة، وتمويل ميسر لمشروعات الطاقة البديلة، وتحديث البنية التحتية الكهربائية.

آخر الأخبار
الجنرال فوتيل يبحث مع وزير الطوارئ جهود التعافي والاستقرار الإعلام السوري في عصر التحوّل الرقمي..يعيد صياغة رسالته بثقة ومصداقية سوريا تفتح صفحة جديدة من التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سوريا نموذج للسياحة الثقافية في المعرض المتوسطي للسياحة الأثرية بإيطاليا الرئيس الشرع يناقش مع وزارة الداخلية الخطط والبرامج المستقبلية لتعزيز الأمن والاستقرار جدار استنادي لمدخل سوق المدينة في حلب القديمة مصطفى النعيمي: "قسد" رهينة الأجندات الخارجية  مؤيد القبلاوي: انتهاكات "قسد" تقوض اتفاق الـ10 من آذار  القنيطرة تتحدى.. السكان يحرقون مساعدات الاحتلال رداً على تجريف أراضيهم انطلاق الملتقى الحكومي الأول لـ "رؤية دير الزور 2040" الشيباني يعيد عدداً من الدبلوماسيين المنشقين عن النظام البائد إلى العمل ظاهرة جديدة في السوق السورية "من لا يملك دولاراً لا يستطيع الشراء" سرقة الأكبال الهاتفية في اللاذقية تحرم المواطنين من خدمة الاتصالات حقوق أهالي حي جوبر على طاولة المعنيين في محافظة دمشق غزة أرض محروقة.. لماذا قُتل هذا العدد الهائل من الفلسطينيين؟ سيارة إسعاف حديثة وعيادة جراحية لمركز "أم ولد" الصحي بدرعا المفوضية الأوروبية تخصص 80 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين في الأردن تحديات وصعوبات لقطاع الكهرباء بطرطوس.. وجهود مستمرة لتحسينه زيارة الشرع إلى واشنطن إنجاز جديد للسياسة الخارجية السورية بحث تعزيز التدابيرالأمنية في "الشيخ نجار" الصناعية بحلب