الثورة أون لاين- علاء الدين محمد:
كاتب عزف على أوتار القلب فأجاد العزف وحرك المشاعر.. بأحداث حقيقية لامست عمق المأساة طوال ١٠ سنوات عنوانها حرب مليئة بالقهر والظلم.. وبكلمات وعبارات وأحداث أبت إلا أن تحفر عميقاً في الصميم.. فهل هناك أدمى من جرح النفس والقلب عند فراق الأحبة.
مجموعة قصصية جديدة للكاتب أيمن الحسن صدرت عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق تحت عنوان: دفلى الشام (ضيوف على السماء).
صرخات مكبوتة حبيسة أرواح لايسمع أنينها إلا من عاش مرارتها.. صور فيها مشاهد خالدة لأبطال على مختلف شرائحهم ومنهم الشباب في مقتبل العمر وكيف خطوا دروساً في كيفية الصمود والتمسك بالأرض وتلبية نداء الوطن لصون كرامته كما في قصة ” ولم يصرخ ” على لسان بطل القصة محمد الذي ترك أعز مايملك، ابنته الصغيرة ليهديها وطناً آمناً مضحياً بدمه وحبه للحياة مع أحباب فارقهم ليعيشوا بأمان ويكون هو القربان.
حاله حال الكثير من أبناء جيله على مساحة الوطن على اختلاف قصصهم ومآسيهم وظروفهم.. أبدع الكاتب في انتقاء العبارات والوصف والحبكة وتنقل بينها بإتقان وإحكام (نعم إننا نقاتل كي يعيش أبناؤنا في سلام، يزرعون الأرض محبة ووئاما) . وبحنكة المثقف وبكلمات مقتضبه ومعبرة في آن صور الشهيد الحي في قصته القصيرة (عائد ).. وما أكثرهم في بلادي… إلى رائعته (حنين) القصة التي صورت الحب الأنقى والأغلى والأبقى..حب الأم.. قصة من رحم الواقع حتى يتراءى لكل من يقرؤها أنه المقصود.. فقد خطت بحرفية وتأن وخبرة تنم عن تمكن وثقافة كاتبها.. تفاصيل صغيرة مؤثرة ومعبرة خطت بقلم أنيق تبين تجذر الإنسان بأرضه من خلال تلك الأم التي أبت العيش بعيداً عن بيتها برغم الخطر.. أحداث تجعل قارئها يعيش الحدث بكل مكنوناته مع أبطالها لحظة بلحظة، حيث جسد علاقة الأم بالوطن بتلك الحميمية الفريدة.. تلك العلاقة التبادلية التي تجعل كلا من الأم وطن ومن الوطن أم.. إلى قصته (غلطة عمر ) التي بينت روعة وصفه لوطن متآكل ومتهالك عاثوا فيه خراباً، إلى الجسد المتهالك من السكر والغرغرينا ومآساة البقاء في وطن مدمى إلى مآساة انتظار لم الشمل والحلم بالأمان والطمأنينه خارج حدود وأسوار هذا الوطن.. قصص قصيرة بنكهة الحرب والدمار والألم اختزلت واقعاً مريراً لشريحة كبيرة ومختلفة الأعمار والانتماءات والثقافات، لم تشفع لها براعة كاتبها ورهافة شعوره بأن لا تسبب الغصة والحرقة في نفس قارئها.
وحوش وغربان سلطت على جسد هذا الوطن لتدميه وتحول أبناءه إلى بقايا نفوس حالمين بأبسط حقوقهم في الأمان والسلام.
(أمنية صغيرة).. جسدت أماني.. فارق أصحابها الحياة ولم يتسن لهم الوقت الكافي لرؤية تلك الأماني الصغيرة البسيطة تتحقق أو الشعور بالسعادة بتحقيقها.
لا يشعر قارئ هذه القصص بغرابتها.. بل يشعر أنه عاش أحداثها لحظة بلحظة.. بالتالي هي الجزء الأكبر من يومياته.
اللغة عالية الشفافية.. مطواعة نابضة بعمق التجربة ومفعمة بالرائحة الإنسانية.