الثورة – تحقيق هلال عون:
بعد أن نشرت صحيفة الثورة أمس تحقيقاً عن محطات “البوابة الذهبية” لبيع الوقود “مسبق الدفع”، تواصلت الصحيفة مع عدد من المواطنين المتضررين، وتحدثوا عن حقوقهم المالية، وعن ضرورة إعادتها لهم.
وانطلاقاً من مسؤولية الصحيفة عن متابعة الموضوع الذي نشرته أمس، وشرح تفاصيله، وتوضيح ما يعتريها من غموض منعاً للتفسيرات والتأويلات المزاجية أو العاطفية، وانطلاقاً من كل ما سبق، تواصلنا مع مركز الوفاق للتحكيم القانوني- التجاري، فكان هذا التحقيق استكمالاً للجزء الذي تم نشره أمس.
ما الذي حدث؟
بعد أن وضعت الدولة يدها على محطات “البوابة الذهبية” وأموالها، لم يعد آلاف المستفيدين يعرفون مصير المبالغ التي دفعوها مسبقاً مقابل المحروقات التي لم يحصلوا عليها، وأمام تصاعد الجدل، طرحت “الثورة” على مركز الوفاق للتحكيم القانوني- التجاري التساؤل التالي: هل تُعتبر هذه الأموال ودائع مصرفية، يجب إعادتها فوراً؟ أم إنها أثمان عقود بيع مؤجلة التنفيذ؟
العلاقة القانونية .. بيع لا إيداع
مدير المركز، المحكِّم التجاري، المحامي، وسام كريم الدين، أوضح أن توصيف العلاقة مهم للغاية، وهذه الأموال ليست ودائع مصرفية، فالشركة ليست بنكاً، ولا تملك ترخيصاً لذلك، بل هي عقود بيع.
المواطنون دفعوا ثمن المحروقات مقدماً، على أن يتم تسليمها لاحقاً، وبالتالي يحق للمستفيدين المطالبة إمّا باستلام المادة، أو باسترداد أموالهم كاملة، مع التعويض عن التأخير عبر القضاء، ما لم يثبت وجود قوة قاهرة حالت من دون التنفيذ.
وعن نظرة القانون إلى الوضع الحالي، وإمكانية استرداد تلك الأموال عملياً، قال: القانون التجاري يضع ثلاثة احتمالات لمعالجة القضية، كلها تتوقف على قرار الدولة بشأن الشركة:
أولاً: التجميد المؤقت، العقود تبقى صحيحة، لكن التنفيذ متوقف ريثما يُرفع التجميد عن أموال الشركة.
ثانياً: التصفية والإفلاس، إذا تم حل الشركة، تتحول العقود إلى ديون، وتوزع أموالها على الدائنين وفق نظام “قسمة الغرماء”، أي تقاسم الموجودات حسب نسبة مدفوعات المتضررين.
ثالثاً: الاستمرار بإدارة جديدة، بحيث تستمر الشركة بالعمل، سواء تحت إشراف وصي أو مستثمر جديد، مع تسوية أوضاع المستفيدين، كل حسب حالته، فمن يريد استرداد ماله يستطيع، ومن يرغب باستلام المحروقات يمكنه ذلك.
شهادات من الواقع
مواطن متضرر، قال لصحيفة الثورة: “أردت استرداد أموالي لشراء المحروقات من السوق، لكن كل شيء مجمّد”.
وحول ما إذا كان يفضل استعادة أمواله، أو شراء الكمية التي دفع ثمنها بشكل مسبق قال:” أريد استرداد أموالي، لأن الوقود الآن متوفر، وأسعاره انخفضت”.
صناعي من ريف دمشق قال: “رغم تحسّن واقع الوقود، فإن ما يهمني هو استمرار التوريد، لأن توقف الوقود يعني توقف المصنع وخسائر فادحة، ولكن بالسعر المعمول به الآن، فهو أرخص بنحو 15 بالمئة عما كان عليه حين دفعنا ثمنه بشكل مسبق”.
ما هو الحل العادل؟
يرى المحكِّم التجاري، وسام كريم الدين، أن الأنسب هو استمرار عمل المحطات تحت إشراف جهة وصائية أو مستثمر جديد، وبهذا الشكل يمكن للأفراد تصفية حساباتهم واسترداد أموالهم، كما يستطيع الصناعيون والجهات التي تحتاج التوريد المنتظم متابعة عقودهم، وفي الوقت ذاته تتحول “البوابة الذهبية” إلى لاعب ضمن سوق حر تنافسي، بدل أن تكون جهة احتكارية وحيدة، كما كانت سابقاً.
باختصار يؤكد الخبراء أن الأموال ليست “ودائع” كما يعتقد البعض، بل هي أثمان عقود بيع، أي أن المواطنين اشتروا المحروقات مسبقاً ودفعوا ثمنها على أن تُسلَّم لاحقاً.
أما الخيارات المطروحة فهي ثلاثة:
التجميد المؤقت، وفي هذه الحالة تبقى العقود صحيحة، لكن التنفيذ متوقف.
التصفية، وهنا تُحل الشركة وتوزع أموالها على الدائنين.
استمرار الشركة بالعمل بإدارة جديدة وتُسوَّى حقوق المستفيدين حسب رغبتهم.
ومن المهم التأكيد على أن الحل الأقرب للعدالة – بحسب مركز الوفاق للتحكيم التجاري- هو استمرار الشركة بالعمل تحت إشراف وصي أو مستثمر جديد، لأنه يعطى المواطنين حق الاختيار بين استرداد أموالهم أو الحصول على المحروقات.
سؤال معلَّق
بين التجميد والتصفية والاستمرار، يظل المواطنون ينتظرون قراراً حاسماً، وبين القلق والرجاء، يبقى السؤال معلقاً: هل تعود أموال “البوابة الذهبية” إلى أصحابها قريباً؟