الثورة – وعد ديب:
في ظل الضغوط التي تواجه الزراعة من تغيّر مناخي وارتفاع التكاليف، تبرز الطائرات الزراعية بدون طيار (الدرونز) كخيار تقني واعد، ويسعى اختصاصيون زراعيون إلى توسيع استخدامه لما توفره من كفاءة ودقة واستدامة في إدارة المحاصيل.
ضمن هذا السياق، يعرف الخبير الزراعي والمسؤول العلمي والفكري لمجموعة المشاريع الأسرية الدكتور يونس إدريس في حديثه لـ”الثورة”: أن الدرونز الزراعية هي طائرات صغيرة غير مأهولة تُدار عن بُعد أو عبر برمجة مسبقة، وتُجهّز بكاميرات ومستشعرات دقيقة، وأحياناً بأنظمة رش ذكية.
موضحاً أن استخدامها يسمح بمراقبة الحقول من الجو وتحليل حالة التربة، وتحديد أماكن الإصابة بالجفاف أو الآفات بدقة مترية، مما يمكّن من التدخل الفوري والمعالجة الموضعية، وبالتالي تقليل التكاليف وتحسين الكفاءة.
وبين أنه تشير التجارب إلى أن الاعتماد على الدرونز يمكن أن يخفض استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 50 بالمئة، واستخدام المبيدات بنسبة تتراوح بين 20 – 40 بالمئة، ما ينعكس مباشرة على الإنتاجية والربحية.
الإمكانات والتحديات
رغم الظروف المعقدة، بدأت بعض المبادرات الفردية والأكاديمية داخل سوريا بمحاولات تصنيع أو تعديل درونات زراعية محلية، وتجريبها في عمليات الرش والمراقبة، مما يفتح الباب لإمكانية توطين هذه التكنولوجيا.
لكن كما يؤكد الدكتور إدريس، فإن التوسع في استخدامها لا يزال يواجه تحديات عديدة، ومن أبرز هذه المعوقات أمام استخدام الدرونز الزراعية في سوريا ” أولاً غياب التشريعات الواضحة التي تنظّم عمل هذه الطائرات في الزراعة، ما يجعل استخدامها غير مؤطر قانونياً، وأما على المستوى الفني، فهناك صعوبات في استيراد المستشعرات والبطاريات وقطع الغيار، نظراً للقيود التجارية المفروضة على هذا النوع من المعدات.
ويشير إلى نقص حاد في الكوادر المدربة على تشغيل الدرونز وصيانتها وتحليل بياناتها، أضف إلى ذلك الكلفة المرتفعة لهذه الأجهزة، التي يصعب على المزارعين الأفراد تحمّلها، إلى جانب ضعف البنية التحتية الرقمية في بعض المناطق، خاصة ما يتعلق بالإنترنت وأنظمة الملاحة الدقيقة مثل GPS أو RTK.”
لتجاوز هذه التحديات، يقترح الدكتور إدريس، اتخاذ جملة من الإجراءات، في مقدمتها وضع إطار قانوني واضح لاستخدام الدرونز الزراعية، وتقديم دعم حكومي أو تعاوني للمزارعين، سواء على شكل قروض أو تسهيلات لشراء وتشغيل هذه التقنية.
كما يدعو إلى تأسيس مراكز تدريب وطنية لبناء كوادر متخصصة، وتشجيع الورش الصغيرة على تجميع أو تصنيع الدرونات محلياً، لتقليل الاعتماد على الاستيراد وخفض الكلفة.
منوهاً إلى أنه لا يقتصر دور الدرونز على الرش والتصوير، بل تمتد أهميتها إلى كونها جزءاً أساسياً من التحول نحو الزراعة الذكية، فهي تمكّن من دمج البيانات الجوية مع أنظمة الري والتسميد الآلي، وتفتح المجال أمام استخدام الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات زراعية فورية ودقيقة دون تدخل بشري مباشر.
ويختم الدكتور إدريس حديثه بالتأكيد على أن: “الدرونز لم تعد ترفاً تكنولوجياً، بل ضرورة استراتيجية تفرضها التحديات، وهي أداة فاعلة لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة في سوريا”.