الثورة:
أكد الرئيس أحمد الشرع، أن استقرار سوريا يشكّل بداية عهد جديد للمنطقة والعالم، لافتاً إلى أن مرحلة ما بعد الحرب تفتح أمام السوريين فرصةً تاريخيةً لبناء وطن قائم على العدالة والتنمية، ومشدداً على أن العالم بأسره سيستفيد من واقع سوريا الجديد.
وفي مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” على قناة CBS الأميركية، أوضح الشرع أن دخوله إلى القصر الرئاسي للمرة الأولى بعد سقوط النظام البائد كان لحظة رمزيّةً مؤثّرةً، قائلاً: “ذلك المكان شهد خروج شرٍّ كبير ضد السوريين، وها هو اليوم يعود إلى موقع يخدم الشعب لا يقهره”.
وخلال جولة أجراها الرئيس مع فريق القناة في حي جوبر بدمشق، تحدّث الشرع عن الدمار الإنساني الهائل الذي خلّفته الحرب، مشيراً إلى أن كلّ منزلٍ مهدّم يحكي قصة وجع وفقد، وأن أجيالاً كاملة عاشت تحت صدمة مستمرة، لكن إرادة الحياة لدى السوريين أقوى من كل ما خلّفه الإرهاب والاستبداد.
وكشف الرئيس الشرع أن إعادة إعمار سوريا تتطلب ما بين 600 و900 مليار دولار، مؤكداً أن هذا المشروع الوطني لا يمكن إنجازه دون دعم المجتمع الدولي. وانتقد بشدّة استمرار العقوبات الغربية، معتبراً أن من يعرقل رفعها “يشارك في استمرار معاناة السوريين”.
وأضاف أن الحكومة السورية وضعت خطة شاملة لإعادة البناء تعتمد على مبدأ الشفافية والتكامل بين القطاعات، وتستند إلى أولويات إنسانية وخدمية تهدف لإعادة المهجرين إلى مناطقهم وخلق فرص عمل جديدة تسهم في استقرار المجتمع.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع روسيا، أوضح الشرع أن دمشق لا ترى مصلحة في أي صدام معها، وأن السياسة السورية اليوم “تقوم على الواقعية والتوازن”، معتبراً أن الشراكات الإقليمية والدولية هي الطريق الأمثل لتثبيت الاستقرار.
وحول الاعتداءات الإسرائيلية، أكد أن سوريا تعرّضت لقصف مباشر استهدف القصر الرئاسي مرتين، في عمل وصفه بأنه “تجاوز للخطوط الحمراء وإعلان حرب”، مشيراً إلى أن بلاده لا ترغب في المواجهة لكنها لن تتنازل عن سيادتها. كما رفض المزاعم الإسرائيلية بشأن حماية الدروز، قائلاً إنها “قضية سورية خالصة تُحلُّ ضمن مؤسسات الدولة والقانون”.
وشدد الرئيس الشرع على أن حكومته ملتزمة بمحاسبة كل من تورط في الجرائم ضد المدنيين خلال الحرب، أياً كان موقعه أو انتماؤه، مؤكداً أن “عهد الإفلات من العقاب انتهى”، وأعلن أن الحكومة ستعمل عبر القنوات القانونية والدولية لملاحقة بشار الأسد وكل من ارتكب جرائم بحق الشعب السوري.
وفي سياق الإصلاح السياسي، أوضح الرئيس الشرع أن تشكيل مجلس الشعب الحالي جاء كمرحلة انتقالية تمهيداً لإجراء انتخابات عامة عقب استكمال البنية التحتية وإصدار الوثائق الرسمية للمواطنين، مؤكداً أن “سوريا الجديدة ستكون دولة يشارك فيها المواطن في صناعة القرار عبر صناديق الاقتراع، لا عبر الخوف”.
وتحدّث الشرع عن ماضيه في صفوف المقاومة ضدّ النظام المخلوع، مبيناً أن تلك التجربة كانت جزءاً من مسار نضالي وطني ضد الاستبداد، نافياً أي علاقة بتنظيمات إرهابية أو عمليات خارجية. وقال: “كنا نقاتل من أجل حرية بلدنا، لا من أجل مشروع عابر للحدود”.
واختتم الرئيس الشرع حديثه بالتأكيد على أن المرحلة الحالية ليست مجرد نهاية للحرب، بل بداية لصياغة هويّة وطنيّة جديدة، تقوم على العدالة، والمواطنة، والكرامة، وقال في ختام المقابلة: “لقد أنقذنا وطننا من ظلام النظام البائد، واليوم نؤسس لسوريا العادلة التي تستمد قوتها من وعي شعبها، لا من قبضة حاكمها”.