الثورة – منهل إبراهيم:
أنهت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحرب الإسرائيلية على غزة بشكل مؤقت، لكنها لم تحقق السلام الذي يسعى إليه الفلسطينيون، فالخطر المحدق يكمن في نوايا الحكومة الإسرائيلية المستقبلية تجاه غزة بعد تدميرها بشكل كامل وممنهج يعوق عودة الحياة إليها على المدى القريب.
وضمن هذه الرؤية تناولت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية الاتفاق بين “إسرائيل” و”حماس” على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لإنهاء الحرب في غزة، وقالت إن “صفقة” ترامب أنهت الحرب – لكنها “لم تُحقق السلام بعد”.
وترى الصحيفة البريطانية أن هذه الخطة مهما كانت ناقصة، فإنها تمنع احتمالات أسوأ، خاصة “التطهير العرقي في غزة”، كما أنها تحرر الرهائن الإسرائيليين، وتوقف قتل المدنيين في غزة، وتطلق سراح مئات السجناء الفلسطينيين، هذا بالإضافة إلى تسليم فوري للمساعدات التي تشتد الحاجة إليها، على الرغم من أن إسرائيل ستظل تسيطر على أكثر من نصف قطاع غزة في المستقبل المنظور.
وأكدت فايننشال تايمز أن الاتفاق دفع بترامب للاحتفال بإنجازه، وسيسعى إلى “تحقيق المجد” خلال رحلته إلى إسرائيل، حيث يعمل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إقناع جمهوره بأنه حقق النتيجة المرجوة وأن الثمن كان يستحق ذلك، بينما بدأ الفلسطينيون المهمة الصعبة المتمثلة في السعي للتعافي والتعافي من أسوأ حرب مروا بها على الإطلاق.
وترى الصحيفة البريطانية أن الأمر كان بحاجة لضغط أميركي وبمجرد أن طبقته واشنطن، صمتت المدافع بسرعة، وبعد أن تخلى ترامب “عن أوهامه السابقة حول ريفييرا غزة، استغل عزلة إسرائيل الدولية لمحاصرة نتنياهو، مطمئناً المصريين والأردنيين والقطريين والإماراتيين والسعوديين القلقين (بسبب الأوضاع)”.
ومع ذلك توضح الصحيفة أن خطة ترامب “لا تتعلق بالسلام بعد، كما أنها ليست خطة مدروسة جيداً”، فبعد المرحلة الأولى المتفق عليها، لا يزال هناك الكثير من الغموض، ومساحة للمساومة، وعقبات غير متوقعة.
وتلفت فايننشال تايمز إلى أن “تصميم الصفقة فيه خلل”، لأنها “همّشت السلطة الفلسطينية -الحكومة المعترف بها رغم شيخوختها وضعفها-. كما أنه ينشئ نظام وصاية على غزة دون أي إشارة إلى القانون الدولي، ويضع مفاوضات مفتوحة الأمد مشروطة فقط بإصلاحات فلسطينية، على غرار محاولات فاشلة سابقة”.
وأما حركة “حماس” فترى الصحيفة البريطانية أنها الآن “أمام لحظة حساب. فالحركة هي الخاسر الأكبر في هذه الحرب: مقامرتها الدموية تحولت إلى مأساة مدمّرة للفلسطينيين، ومكانتها انهارت داخلياً وإقليمياً…”، وفق فايننشال تايمز.
وأشارت فايننشال تايمز أنه مع “تراجع دور حماس، “تقع المسؤولية الآن على إسرائيل، فنتنياهو قادر بسهولة على تقويض العملية لأن شروط الصفقة غامضة بما يكفي لذلك، يمكنه استئناف الحرب لأتفه الأسباب، أو تأجيل الانسحابات الإسرائيلية اللاحقة إلى أجل غير مسمى، أو الامتناع عن التفاوض حول المراحل التالية، كما فعل عندما أنهى محادثات وقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا العام”.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن “الدولة الفلسطينية ليست قريبة بعد، لكن فرصها أفضل مما كانت عليه قبل أسبوعين، وهناك بصيص أمل ولو كان هشاً، من أجل سلام إقليمي”.
كما اهتمت صحيفة الإندبندنت البريطانية بأوضاع النازحين الفلسطينيين في غزة والتحديات أمام عودتهم إلى ديارهم مرة أخرى، ونشرت تقريراً مطولاً عن “الواقع الكئيب للفلسطينيين العائدين إلى ديارهم بعد وقف إطلاق النار”.
ولفتت الصحيفة إلى أن كل شيء “اختفى في غزة”، ويخوض عشرات الآلاف من الفلسطينيين مسيرة طويلة عائدين إلى ديارهم شمال غزة، ليجدوا أنفسهم وسط الرماد والأنقاض.
وقالت الصحيفة “يعود العديد من الفلسطينيين إلى ديارهم ليجدوا أنه لا يوجد منزل، خاصة في بيت لاهيا في أقصى شمال غزة، إحدى أكثر المناطق دماراً في القطاع المحاصر والمدمر”.
كما نقلت صحيفة الإندبندنت عن ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قوله إنهم سيبدؤون بتوسيع نطاق إيصال الإمدادات الطبية، لكن العبء لن “يخف بين عشية وضحاها”، وسط مخاوف من عدم استمرار وقف إطلاق النار، أو أن تواصل إسرائيل حصاراً جزئياً، مما يعوق القدرة على الاستجابة للأزمة الطبية الهائلة.