جائزة نوبل للسلام.. من السلام إلى الهيمنة السياسية

هادي العبدو:

انتهى موسم جوائز نوبل بإعلان الفائزين بالجوائز الست المختلفة تقديراً لإنجازاتهم المتميزة في مجالات تتراوح من الطب إلى الأدب. ولكن، وعلى مرّ السنين، لم تُثر أي جائزة جدلاً أكثر من جائزة نوبل للسلام.
وبمراجعة للجوائز الـ104 التي مُنحت منذ عام 1901 تُظهر أن الجائزة لم تتطور بما يتماشى مع ما وضعه نوبل في وصيته. وكما يعترف الموقع الرسمي لجائزة نوبل للسلام، فقد توسّعت معايير اختيار الفائزين على مر العقود لتشمل العمل الإنساني، والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتغير المناخ والبيئة، وغيرها من القضايا.

والأسوأ من ذلك، أن لجنة جائزة السلام في أوسلو سمحت بشكل متزايد للاعتبارات الجيوسياسية بأن توجه اختياراتها. في الواقع، أصبحت الجائزة أكثر ارتباطاً بالجغرافيا السياسية منها بالسلام نفسه، ما جعلها تُمنح عبر السنوات لعدد من الفائزين غير المستحقين، ما يهدد بفقدانها للشرعية.

مُنِحَ باراك أوباما جائزة نوبل للسلام عام 2009، قبل أن يُكمل عاماً واحداً في منصبه كرئيس، ويمكننا أن نرى باراك أوباما كثّف حروب الولايات المتحدة حول العالم، وارتكب جرائم قتل بطائرات مُسيّرة أكثر مما ارتكبه جورج بوش نفسه. كانت النرويج تتملق الرئيس الجديد لمجرد شعبيته.

غالباً ما أظهرت لجنة نوبل ميولها الجيوسياسية من خلال منح الجائزة لنشطاء مناهضين للأنظمة مدعومين من الغرب في دول العالم النامي، من أونغ سان سو تشي إلى ليو شياوبو، أو بمحاولة تعزيز التقارب الإقليمي، كما في عام 2014 عندما مُنحت الجائزة مناصفة بين مسلمة باكستانية وهندوسي هندي.

ومن حلقات التناقض عندما فازت ماريا كورينا ماتشادو بآخر جائزة نوبل للسلام، فهي غارقة في العنف؛ فقد ناشدت بنيامين نتنياهو مُدبّر إبادة غزة مُباشرةً، للمساعدة في “تحرير” فنزويلا بالقنابل تحت شعار “الحرية”. وطالبت بفرض عقوبات، وهللت لتهديدات دونالد ترامب بالغزو ونشر قواته البحرية في منطقة البحر الكاريبي.
ماتشادو ليست رمزاً للسلام أو التقدم. إنها جزء من تحالف عالمي بين الفاشية والصهيونية والليبرالية الجديدة، محور يُبرر الهيمنة بحجج الديمقراطية والسلام.

إذا كان بإمكان هنري كيسنجر الفوز بجائزة السلام، فلماذا لا تُمنح لماريا كورينا ماتشادو؟ ربما تُمنح العام المقبل لمؤسسة غزة الإنسانية لجهودها في “التعاطف تحت الاحتلال”.
في كل مرة يتم فيها منح هذه الجائزة لمهندس العنف المتخفي في صورة الدبلوماسية، فإنها تبصق في وجه أولئك الذين يقاتلون بالفعل من أجل السلام: المسعفون الفلسطينيون الذين يحفرون الجثث من بين الأنقاض، والصحفيون الذين يخاطرون بحياتهم في غزة لتوثيق الحقيقة، والعاملون الإنسانيون في أسطول الحرية الذي يبحر لكسر الحصار وتسليم المساعدات للأطفال الجائعين في غزة، بكل ما يملكون من شجاعة وإقناع.

باختصار، جوائز نوبل سياسية، وهي مجرد مزحة لا قيمة لها. تشمل إرهابيين حقيقيين، ومُحرِّضي حروب، ومستغلين، وقمعيين عنصريين، وهنري كيسنجر.

آخر الأخبار
كيف نضمن اختيار المنظومة الشمسية ونتجنّب غش الدخلاء؟ هل نجحت سوريا في اقتصاد السوق الحر؟ بعد عام على التحرير.. سوريا تفتح أبوابها للعالم في تحوّل دبلوماسي كبير " متلازمة الناجي".. جرح خفي وعاطفة إنسانية عميقة خطوة ذهبية باتجاه "عملقة" قطاع الكهرباء بين واشنطن وموسكو وبكين.. دمشق ترسم سياسة خارجية متوازنة مشاعر الأمومة الفطرية والتعلق المرضي... أين الصواب؟ شباب اليوم.. طموح يصطدم بجدار الفرص المحدودة الصين تعلن استعدادها للمساهمة في إعادة إعمار سوريا الأوجاع المؤجلة.. حين يتحوّل الصبر إلى خطر "سوق الجمعة".. اقتصاد شعبي وسط الضجيج إدمان الإنترنت.. التحدي الرقمي للشباب كيف نتعامل معه؟ "صناعة حلب" تواصل استعداداتها لانطلاق "مهرجان التسوق" سوريا تبدأ موجة من الدبلوماسية القوية بعد سقوط الأسد استياء شعبي بعد رصد صورة لـ "المخلوع" داخل "تربية حلب" الانتخابات في سوريا.. الوزير الشيباني يطرح ملف الشرعية الشعبية إنتاجية زيت الزيتون بدرعا في أدنى مستوياتها.. وأسعاره تتجاوز المليون ليرة ارتفاع أسعار الألبسة الشتوية.. بين محدودية الدخل و"الهروب إلى البالة" لا زيادة على الغاز: "الطاقة" تؤكد وفرة المخزون واستقرار الأسعار بعد دخولهم المياه السورية بطريقة غير قانونية.. دمشق تسلّم 17 لبنانياً إلى بيروت