الثورة- علي إسماعيل:
يقود وزير الداخلية الألمانية ألكسندر دوبرينت مساعي حكومية لتوسيع نطاق الترحيل إلى سوريا، ليشمل لاجئين رفضت طلباتهم، بالإضافة إلى الشباب السوريين الذين لا يحملون صفة إقامة قانونية، حيث إن الأمر مرهون بإبرام اتفاق رسمي مع دمشق، بحسب تصريحات دوبرينت، الذي ألمح إلى بدء الترحيل فعلياً بمرتكبي جرائم، ثم يتوسع إلى غيرهم.
ألمانيا قررت ذلك في إطار سياستها المتشدّدة تجاه الهجرة غير النظامية، وكردة فعل على الضغوط السياسية الداخلية، خصوصاً من الأحزاب اليمينية التي تتعالى شعبيتها باطراد كلما استجابت لمطلب تشديد القوانين.
وبحسب وكالة رويترز في تقرير لها فإن خلفيات ودوافع القرار تنطلق من رغبة برلين في استعادة السيطرة على سياسات اللجوء بعد تراجع عدد الطلبات من السوريين بشكل ملحوظ، لا سيما منذ تغيّر الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا، إضافة إلى أن هذا الأمر هو إجراء سياسي يستجيب لتصاعد الأصوات التي تطالب بأن يكون للاستقرار النسبي في بعض مناطق سوريا أثر على النظر في طلبات اللجوء وإمكانية عودة البعض، خاصة مع وجود خطر تعرض من لا تنطبق عليهم معايير “العمل أو القدرة على الاعتماد على الذات” للترحيل من دون ضمانات كافية إذا كانت عودتهم تنطوي على مخاطر أمنية أو إنسانية.
ووفقاً لتقارير نشرتها وكالة “أسوشييتد برس وموقع German Policy، فإن التقارب بين دمشق وبرلين يأتي ضمن مساعٍ ألمانية لإعادة صياغة سياستها تجاه ملف اللجوء، بالتوازي مع انفتاح أوروبي على الحكومة السورية، وتشير التقارير إلى أن ألمانيا تبحث إبرام اتفاق مع دمشق يسمح بترحيل طالبي اللجوء السوريين المرفوضين، خصوصاً فئة الشباب القادرين على العمل، وهذا التوجه مدفوع جزئياً بما تصفه الحكومة بـ”العبء المالي المتنامي”، إذ تتجاوز تكلفة إعانات السوريين مئات ملايين اليوروهات سنوياً، حيث يعتمد أكثر من نصفهم على المساعدات الاجتماعية.
ويرى مسؤولون ألمان أن إعادة تقييم “أوضاع الحماية” للسوريين قد تتيح تخفيف الضغط على ميزانية الدولة ونظام الرعاية، بينما تحذر منظمات حقوقية من أن الخطوة قد تتعارض مع التزامات ألمانيا الإنسانية إذا لم تُرفق بضمانات حقيقية لسلامة العائدين إلى سوريا.
صراع قانوني داخلي في ألمانيا، خصوصاً أمام المحاكم التي قد ترى أن بعض القرارات تنتهك حقوق اللجوء والالتزامات الدولية، لذلك تطالب جهات حقوقية ألمانية وأوروبية بضرورة وجود توازن دقيق مطلوب بين الضغط السياسي الشعبي وبين العلاقات الدولية، إذ إن سوريا لا تزال موضع قلق حقوقي من قبل مؤسسات أوروبية، لذلك يبرز احتمال أن تُعتبر هذه الخطوة مؤشراً لتقارب دبلوماسي أكبر بين برلين ودمشق، مع تساؤلات عن مدى القدرة على التحقق من “الاستقرار” التام في سوريا وآثاره على اللاجئين فعلياً.
على ما يبدو أن ألمانيا تستعد لغلق المزيد من الأبواب أمام المهاجرين السوريين، لذلك فإن التحول نحو الترحيل الموسّع يضعها أمام مفترق بين الضغوط السياسية الداخلية ومسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه اللاجئين، ليصبح الاعتماد الأساسي للتنفيذ الفعلي يستند على الاتفاق مع الحكومة السورية، وفق توجهات جديدة في سياسة اللجوء الأوروبية.