الثورة – لينا شلهوب:
أصدرت وزارة التربية والتعليم اليوم تعميماً يقضي بتفعيل مجالس أولياء الأمور في جميع المدارس ضمن المحافظات كافة، على اعتبار أن هذه المجالس تمثّل ركيزة أساسية في نجاح العملية التربوية والتعليمية، وجسراً حيوياً بين الكادر التعليمي والمجتمع المحلي، ويأتي ذلك في خطوة تهدف إلى تعزيز التواصل البنّاء بين الأسرة والمدرسة.
التعميم الذي حمل توقيع وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد الرحمن تركو ينص على ضرورة تفعيل مجالس الأولياء في المدارس كافة، بما يضمن انتظام اجتماعاتها، وتوسيع دائرة المشاركة الأهلية، بالإضافة إلى استثمار طاقات أولياء الأمور في دعم العملية التعليمية، وتعزيز قيم التكافل المدرسي والاجتماعي والبيئي، كما يشدد على أهمية توثيق أعمال هذه المجالس، وإرسال تقارير دورية إلى مديريات التربية والتعليم، بغية تقييم التجربة وتعميم أفضل الممارسات، فيما تندرج هذه الخطوة في إطار خطة شاملة لتطوير البيئة التربوية، وتحقيق مشاركة مجتمعية حقيقية ترفع من جودة التعليم، وتعمّق الإحساس بالمسؤولية المشتركة تجاه الطالب والمدرسة على حد سواء.
منصة للحوار
وفي لقاء لـ “الثورة”، مع عدد من المدرسين ومنهم: سمر دكاك، ولجين الأطرش، وآجيا واكيم، في إحدى المدارس بريف دمشق، أكّدن أن مجالس أولياء الأمور ليست مجرد إجراء إداري، بل هي منصة حوار وتفاعل بين المدرسة والأسرة، إذ عندما يشعر ولي الأمر أنه شريك في القرار التربوي، فإن ذلك ينعكس مباشرة على سلوك الطالب واهتمامه بدراسته.
من جانبهم، عبّر عدد من أولياء الأمور عن ارتياحهم لهذه الخطوة، حيث يقول سامر كبول، ولي أمر لطالب في الصف الثامن: نحن بحاجة إلى قنوات تواصل حقيقية مع المدرسة، متابعاً قوله: في السابق، كنا ننتظر الاجتماعات الدورية فقط، لكن اليوم هناك توجّه جاد لإشراكنا في تطوير الخطط التربوية ومعالجة المشكلات السلوكية والتعليمية.
بينما رأت أم رامي النحلاوي، وهي أم لطالبة في المرحلة الثانوية، أن مشاركة الأهالي في مجلس أولياء الأمور تتيح لهم طرح أفكار جديدة، مثل تنظيم حملات تطوعية أو أنشطة بيئية تسهم في تنمية روح المسؤولية لدى الطلاب، مضيفة أنه لابد من تفعيل المجالس حتى لا تكون ديكورات تربوياً دون فاعلية.
من جهته يرى أبو يسار عزام أب لثلاثة أولاد موزعين في مختلف المراحل التعليمية، أن مشاركة أولياء الأمور في العملية التربوية، يسهم بعدم فقدان العملية التربوية للحالة الاجتماعية الحاملة للتعليم، مبيناً أن الواقع يعرب عن نفسه، فعندما كان يتم في السابق عقد مجلس بين أولياء الأمور والمعلمين في المدارس، كانت تبوء بالفشل، إذ لا يحضر من أولياء الأمور سوى عدد لا يتجاوز غالباً عدد أصابع اليدين، وهذا يدل على انفصال أولياء الأمور عن المدرسة والمعلمين والأبناء، نتيجة انشغالهم بالأزمة المعيشية والاقتصادية التي تهدد الأسرة، والأهم من ذلك هو عدم جدية هذه المجالس، كما كان معمولاً بنظامها سابقاً، عدا عن فقدان الثقة بين أولياء الأمور ووزارة التربية والتعليم، والمدارس، لما يرونه من فشل وتخبط في القرارات وتنفيذها وسلوكها، تجاه قطاع التعليم، آملاً أن تأخذ الآن حقها في التفعيل وتحقيق الأهداف المرجوة منها.
لم تقتصر ردود الفعل بعد صدور مثل هذا القرار، على أولياء الأمور فقط، إذ عبّر عدد من الطلاب عن حماسهم لفكرة وجود مجلس يضم أولياء أمورهم، وفي هذا الشأن تقول الطالبة مرام ريدان من الصف العاشر: أشعر بالفخر عندما أرى والدي يشارك في اجتماعات المدرسة، لافتة إلى أن ذلك يجعلها تشعر بأن المدرسة ليست مكاناً منفصلاً عن الحياة اليومية، إنما جزء من بيتها الكبير.
بيئة تعليمية مستقرة
فيما يؤكد مختصون تربويون أن تفعيل هذه المجالس من شأنه أن يسهم في بناء جيل متوازن فكرياً وسلوكياً، علاوة على ذلك، فإن تفعيل المجالس يعزز من قيم الانتماء والانضباط داخل المدارس، وهنا تشير الخبيرة في الإدارة التربوية المعلمة ثناء أبو فخر إلى أن التعاون بين الأسرة والمدرسة يخلق بيئة تعليمية أكثر استقراراً، كما أنه يحدّ من الظواهر السلوكية السلبية، منوهة بأن إشراك الأهالي في القرارات التربوية يجعل السياسات التعليمية أكثر واقعية وفعالية، من خلال تفعيل مجالس أولياء الأمور كونها تعد برلمانات تربوية.
وتطرقت إلى أن التعميم الصادر عن الوزارة، يشير إلى أهمية مشاركة مجالس أولياء الأمور في وضع خطط تطوير لبعض الجوانب بالمدرسة، مع معالجة الظواهر السلوكية والتربوية، فضلاً عن متابعة شؤون الطلبة، والمساهمة في الأنشطة الثقافية والتطوعية، إضافة إلى دعم المبادرات التعليمية والمجتمعية، كذلك أوضحت أنه لا شك أن التنسيق المستمر بين أولياء الأمور والمعلمين وعقد المجالس بينهم بشكل دوري يحقق نقلة كبيرة، ونتائج مرضية، من خلال تبادل الملاحظات ووضع الخطط وتنفيذها تربوياً، وهذا يعد جزءاً من العملية التربوية ككل، وهي إحدى أدواتها.
وفي ختام التعميم، كلفت الوزارة مديري التربية والتعليم بالمحافظات لمتابعة تنفيذ التعليمات الواردة، وضمان سلامة تطبيقها، كذلك إطلاعها على النتائج ضمن تقارير دورية، والهدف من ذلك كما تبين الوزارة، من أجل وضع خطة وطنية تهدف إلى ترسيخ ثقافة الشراكة بين جميع أطراف العملية التربوية.