هيئة ضمان الودائع… خطوة لإعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري

الثورة: 

منذ سنوات طويلة عانى القطاع المصرفي السوري من تدهور حاد في سمعته وأدائه، خصوصاً خلال عهد نظام بشار الأسد، حيث تداخل الفساد مع القيود المالية والعقوبات الدولية لتقويض الثقة الشعبية.،وقد فُرضت قيود مشددة على عمليات السحب والتحويل، وتسببت العقوبات في عزل المصارف السورية عن النظام المالي العالمي، ما دفع المودعين إلى تهريب أموالهم للخارج أو الاحتفاظ بها خارج القنوات الرسمية.

والنتيجة كانت انهيار شبه كامل في ثقة الجمهور بالمصارف وتحولها إلى مؤسسات عاجزة عن أداء دورها الأساسي، ومثل إعلان مصرف سوريا المركزي عن استحداث “هيئة ضمان الودائع”، تحوّلاً استراتيجياً يهدف إلى تجاوز هذا الإرث الثقيل.

وكما صرّح حاكم المصرف عبد القادر الحصرية لموقع الجزيرة نت، فإن تأسيس الهيئة يأتي استجابة لـ”حاجة ملحّة لتعزيز ثقة الجمهور بالنظام المصرفي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة”، معتبراً أنها ستسهم في حماية حقوق المودعين وضمان استقرار القطاع المالي.

أهمية الهيئة لا تتوقف عند كونها وسيلة لحماية المدخرات الصغيرة، بل تتعداها إلى كونها أداة محورية في عملية إعادة هيكلة النظام المصرفي، فبحسب الحصرية، ستوفر الهيئة بيئة مالية مستقرة تشجع على الادخار والاستثمار، وهو ما ينعكس إيجاباً على توفير السيولة اللازمة لتحريك عجلة النشاط الاقتصادي، كما أن تأسيسها يأتي في سياق مساعٍ أوسع لإصلاح القطاع المصرفي ورفع كفاءته بما يدعم النمو الاقتصادي الشامل.

رغم الأهداف الطموحة، تواجه الهيئة تحديات واضحة: ضعف البنية التحتية التقنية للمصارف السورية، محدودية رؤوس أموال بعض البنوك، تذبذب الأداء المالي للمؤسسات، والظروف الاقتصادية العامة التي ما زالت هشة.

كما أن غياب الشفافية في أوقات سابقة يثير تساؤلات حول قدرة الهيئة على كسب ثقة الجمهور بسرعة. ومع ذلك، يصرّ الحصرية على أن الهيئة ستعمل “بشكل متكامل مع الجهات الرقابية لتعزيز القدرات وتطوير آليات المراقبة والتقييم”.

إطلاق هيئة ضمان الودائع

يحمل انعكاسات اقتصادية متعددة المستويات منها “استعادة ثقة المودعين” من خلال وجود مظلة رسمية لحماية الودائع سيشجع المواطنين على إعادة أموالهم إلى المصارف، خصوصاً صغار المودعين الذين يشكلون النسبة الأكبر من قاعدة النظام المصرفي.

كذلك “جذب أموال المغتربين” إذ من المتوقع أن تشجع الخطوة المغتربين السوريين على إعادة جزء من مدخراتهم إلى الداخل، خاصة مع تقديم البنوك المحلية فوائد أعلى من تلك المتاحة في الخارج، و”تحفيز الاستثمارات” عبر توفر بيئة آمنة للودائع يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، ويمهد الطريق أمام دخول رؤوس أموال جديدة تدعم مشاريع إعادة الإعمار.

أيضاً “تكامل مع الإصلاحات الأوسع” إذ تأتي هذه الخطوة ضمن حزمة إصلاحية تشمل إصدار عملة جديدة وترخيص مصارف إضافية، ما يشير إلى توجه استراتيجي لإعادة بناء المنظومة المالية على أسس أكثر شفافية وحوكمة.

إضافة إلى الأثر المالي المباشر، تحمل الخطوة رسالة سياسية مهمة: الدولة الجديدة قادرة على تصحيح المسار، وحماية أموال مواطنيها، والتعامل مع النظام المالي الدولي بثقة أكبر. هذا البعد النفسي ربما يكون أكثر تأثيراً في المرحلة الأولى، حيث ينظر المودعون إلى الهيئة كشبكة أمان ضرورية في مواجهة مخاوفهم المتراكمة.

وتبرز هيئة ضمان الودائع كركيزة أساسية في مشروع إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وفي استعادة دور النظام المالي كدعامة للاستقرار الاقتصادي، ورغم التحديات الكبيرة، فإن نجاحها سيعني بداية مرحلة جديدة تفتح الباب أمام إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي، وجذب الاستثمارات الضرورية لإعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي.

آخر الأخبار
بالتعاون  مع "  NRC".. "تربية" حلب تنهي تأهيل مدرسة سليمان الخاطر مزايا متعددة لاتفاقية التعاون بين المركز القطري للصحافة ونادي الإعلاميين السوريين تعزيز التعاون السوري – الياباني في مجالات الإنذار المبكر وإدارة الكوارث   تطبيق السعر المعلن  تطبيقه يتطلب مشاركة التجار على مدى يومين ...دورة "مهارات النشر العالمي" في جامعة اللاذقية مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن لرفع العقوبات عن الرئيس الشرع في “60 دقيقة.. الشرع يقدّم نموذج القيادة السورية: صراحة في المضمون وحنكة في الرد إعادة الممتلكات المصادرة  لأصحابها تعيد الثقة بين الحكومة والمواطنين افتتاح مشروع لرعاية أطفال التوحد ومتلازمة داون بمعرة مصرين "تموين حلب" تبحث ملفات خدمية مشتركة مع "آفاد" التركية من دمشق إلى أنقرة... طريق جديد للتعاون مشاركة سورية في حدث تكنولوجي عالمي بعد غياب لسنوات إعلام بريطاني: خطة ترامب هشة وكل شيء اختفى في غزة جائزة نوبل للسلام.. من السلام إلى الهيمنة السياسية هل يستطيع ترامب إحياء نظام مراقبة الأسلحة الاستراتيجية؟ منطقة تجارية حرة.. مباحثات لتعزيز التعاون التجاري بين سوريا وتركيا التنسيق السوري التركي.. ضرورة استراتيجية لمواجهة مشاريع التقسيم الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في إطار تنفيذ اتفاق غزة بين دمشق وبرلين.. ملف ترحيل اللاجئين يعود إلى الواجهة الخارجية تفعّل خطتها لتطوير المكاتب القنصلية وتحسين الخدمة للمواطنين