الثورة – فردوس دياب:
يعتبر الوعي الوطني من الأمور الضرورية للنهوض بالوطن وحمايته وصونه من الفوضى والأمراض المجتمعية التي تتجلى في صور وأشكال شتى، ولاسيما أننا في طور النشوء كدولة جديدة تحاول الوقوف على قدميها، بعد انهيار كل ركائزها ومقوماتها نتيجة سياسات الفساد والظلم والقهر التي كانت سائدة في عهد النظام المخلوع.
حول أهمية “الوعي الوطني” في حماية السلم الأهلي وتماسك المجتمع وتحقيق العدالة الانتقالية، ومواجهة كل الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية التي نمر بها في هذه المرحلة، التقت صحيفة الثورة الدكتور جلال مبارك- عضو الهيئة التدريسية في كلية التربية والاختصاصي في المناهج التربوية وطرائق التدريس، والذي استهل حديثه بالتأكيد على أن الوعي الوطني، هو طوق النجاة للعبور نحو المستقبل، وهو أساس بناء مجتمع صحيح، قوي ومتماسك، ويبدأ من تحمل المواطن لمسوؤلياته الوطنية والالتزام بقيم وثوابت الوطن، بدءاً من الحفاظ على وحدته وسيادته، وليس انتهاء بالدفاع عن ترابه ومقدساته وشعبه.
وقال مبارك: إن حالة التعافي السريعة التي بدأت تعود إلى شرايين الوطن، تفرض علينا دعم الجهود الحكومية في هذا المجال، وذلك من خلال التماسك المجتمعي والترابط الوطني، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يعيق عجلة التنمية والبناء والنهوض الوطني، وهذا يوجب على جميع السوريين التوحد والتلاحم.
الالتفاف حول الدولة
وشدد الدكتور مبارك على أهمية التسلح بالوعي الوطني لدى جميع أبناء الشعب السوري، من أجل الوقوف صفاً واحداً كالبنيان المرصوص في وجه كل من يسعى إلى بث الفتن وضرب الوطن من الداخل، وهذا يكون من خلال الالتفاف حول الدولة السورية والإيمان المطلق بأنها تسعى وتسهر لتحقيق الأمن والأمان والخير للشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته.
عدم الانجرار وراء الشائعات
وأكد الدكتور مبارك على ضرورة عدم الانجرار وراء الشائعات والمحتويات التي تدعو إلى الفتنة والفوضى والاقتتال وحمل السلاح في وجه الدولة، وخاصة من المصادر والأشخاص والمنصات الرقمية مجهولي المصدر، والتي من الممكن في ظل غياب الوعي الوطني أن تزعزع الاستقرار والتعايش السلمي وأن تدمر كل مكتسبات وإنجازات الدولة السورية الجديدة خلال الأشهر القليلة الماضية.
وأضاف: إن احترام حقوق الآخرين، ونشر ثقافات المحبة والخير والإنسانية، تشكل أساس الوعي الوطني الذي يسهم في إيقاظ مشاعر الحب وتقوية روح التعايش والتسامح والتحلي بحس المسؤولية ابتداءً من الفرد نفسه ومن ثم الآخرين.
تحت سقف الوطن
وبين د. مبارك أن الوعي الوطني هو الحس السليم للفرد بقضايا المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كونه سر الحداثة وأساس البناء والتنمية في أي مجتمع، والقبول بمبدأ الوحدة تحت سقف الوطن في ظل التنوع الذي يرسم لوحة وطنية جميلة، للمجتمع السوري بكل أطيافه ومكوناته، ذلك أن أعظم تجليات الوعي يكمن في حب الآخرين وتقديم الخدمة لهم دون أدنى تعصب أو تمييز.
وتابع حديثه بالقول : إن بناء أي مجتمع متحضر ومواكب للتغيرات العالمية يبدأ من إحساس الفرد بالآخرين، وتمنيه الخير لكل أفراد المجتمع بغض النظر عن جنسه ودينه أو عرقه، وخاصة في مجتمعنا الذي تميز منذ آلاف السنين بتعايش جميع أبنائه وحبهم لبعضهم البعض، وكل ذلك كان نتيجة للتربية السليمة داخل الأسرة، فعلى سبيل المثال، كان المواطن السوري الداعم والحاضن لكل شخص في العالم العربي بكل قضاياه ومشكلاته، وهذا إن دل على شيء يدل على الحس العالي للمواطن السوري بغيره، حتى لو كان هذا الشخص خارج حدود الوطن السوري، فإذا كان الوعي يحرك أفضل ما في الإنسان من سمات الإيمان والعقل والحكمة والاتزان، فإن التعصب يستدعي أسوأ ما فيه من نزاعات المحايدة وخيبة الأمل.
وختم د. مبارك بالدعوة إلى التحلي بالمسؤولية الوطنية في ظل هذه المرحلة الراهنة، إذ نعيش نشوة انتصار الحق على الباطل، وانتصار الحرية والكرامة على الظلم والديكتاتورية.