الثورة أون لاين- ترجمة ميساء وسوف:
أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن الرئيس الصيني شي جين بينغ سيحضر قمة المناخ الافتراضية للزعماء في “يوم الأرض” هذا الأسبوع وسيلقي خطاباً هاماً خلالها، كما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه سيحضر القمة التي تقودها الولايات المتحدة، وقد كثفت واشنطن من جهودها لتجميع حلفائها لقمع الصين وروسيا، ولكن حضور الرئيسين “شي وبوتين” يُظهر الموقف المسؤول لبلديهما في التعامل مع التحدي المشترك للبشرية.
يُعتبر التعامل مع قضية التغير المناخي أحد أهم جداول الأعمال التي تهم البشرية، لهذا يجب أن تتجاوز هذه القضية الجغرافية السياسية وأن تحصل على دعم جميع البلدان، وباعتبارها أكبر دولة نامية، فقد اتخذت الصين موقفاً حازماً وإيجابياً وهي المعروفة دائماً بتنفيذ وعودها.
حيث حددت بكين في العام الماضي هدف بلوغ ذروة انبعاث ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030، وتحقيق حياد الكربون قبل عام 2060، ولم يكن من السهل على الصين اتخاذ مثل هذا القرار، وقد تحدث الرأي العام الغربي بشكل إيجابي عنه.
يعتمد نجاح قمة المناخ، والتي تُعقد وسط اضطرابات جيوسياسية شديدة، في المقام الأول على ما إذا كان بإمكان حكومة الولايات المتحدة أن تكون مثالاً يحتذى به كأفضل اقتصاد متقدم في العالم وإظهار تصميمها على الوفاء بالتزاماتها بخفض الانبعاثات.
وفقاً لوسائل الإعلام الأمريكية، ستتعهد إدارة بايدن بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الولايات المتحدة بنسبة 50٪ على الأقل بحلول عام 2030، أي ضعف ما تعهدت إدارة أوباما بخفضه، لكن هذا التعهد قوبل على الفور بمعارضة الحزب الجمهوري، وكما هو معروف للجميع، انسحبت إدارة ترامب من اتفاقية باريس، واصفة تغير المناخ بأنه “خدعة” اخترعتها الصين.
أكبر مشكلة تواجهها الولايات المتحدة هي أنانيتها الاستراتيجية، حيث تعتبر الولايات المتحدة الترتيب الذي يتوافق مع مصالحها بمثابة قواعد، ولكن عندما تتغير مصالحها فإنها ستلغي جميع هذه القواعد التي وضعتها، أما عندما يتعلق الأمر بالخطط طويلة الأجل مثل الحد من انبعاثات الكربون، فإن المشكلة تكمن في مدى أهمية قرار إدارة بايدن، ولكن الأخطر من هذا أنه من الممكن أن تتخلى واشنطن تماماً عن الاتفاقية مرة أخرى بمجرد عودة حكومة الجمهوريين إلى السلطة.
ومن دون شك فإن قضية المناخ هي أيضاً لعبة مصالح، فقد خطت البلدان المتقدمة خطوة إلى الأمام في التصنيع، وأكملت مهام البناء التي تتطلب انبعاثات عالية من الكربون.
لقد ساهموا في معظم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي التي زادت بسبب النشاط البشري، لكن مستويات المعيشة للعديد من الناس في البلدان النامية لاتزال منخفضة للغاية، وفي هذه المرحلة يجب أن تتحمل الدول المتقدمة مزيداً من المسؤولية في مهمة تقليل الانبعاثات، وهم ملزمون بتقديم المزيد من الأموال والتقنيات لمساعدة البلدان النامية على التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
تحتاج قمة المناخ التي تهيمن عليها الولايات المتحدة إلى الترويج لمثل هذه الأفكار لخفض الانبعاثات بين الدول المتقدمة، تريد واشنطن أن تلعب دوراً “رائداً” في الإجراءات المناخية، ثم يجب أن تأخذ زمام المبادرة في تنفيذ مثل هذه الأفكار وتضمن الوفاء بالتزاماتها.
وليس من المنطقي الآن ممارسة ضغط قوي على البلدان النامية ومطالبتها بزيادة التزاماتها بخفض الانبعاثات، حيث يدافع الرأي العام الأمريكي والغربي عن “العدالة”، ولكن كيفية توزيع التزامات خفض الانبعاثات هي مسألة تتعلق بآفاق التنمية الاقتصادية لمختلف البلدان وحقها في تعزيز التصنيع، ويجب على البلدان المتقدمة أن تكون على استعداد لإفساح المجال أمام البلدان النامية لتحسين معيشة الناس من خلال التصنيع، وتكون أيضاً على استعداد لتولي المهمة الرئيسية لخفض الانبعاثات في هذه المرحلة، وعندها سيكون هذا كله اختباراً لإدراكها لمفاهيم الإنصاف والعدالة.
ولاستضافة قمة هامة على المستوى العالمي كقضية المناخ، يجب على واشنطن كبح حساباتها السياسية أو الجيوسياسية الأنانية، وسيكون لهذا لاجتماع أهمية طويلة المدى عندما تتمكن واشنطن من لعب دور مسؤول في المجتمع الدولي.
المصدر:
Global Times
