الثورة أون لاين _ يونس خلف:
تثير أجور المعاينات الطبية في العيادات الخاصة للأطباء جدلاً كبيراً، وكثرت الشكاوى واتسعت دائرة اللغط دون أن يكون أي رجع صدى لهذا الموضوع منذ بداية الحرب العدوانية على سورية وحتى الآن وذلك لأن أصل المشكلة في الظروف التي فرضتها الحرب وتداعياتها على مختلف القطاعات ومنها القطاع الصحي، ولعل الأمر الذي يزيد من تفاقم المعاناة في محافظة الحسكة، هو أن ارتفاع أجور المعاينات يتزامن مع الظروف الصعبة نتيجة وجود الاحتلال الأمريكي والتركي ومعاناة القطاع الصحي في الحسكة من نقص بأعداد الأطباء العاملين فيه حيث ليس جميع الأطباء يعملون في القطاع العام.
*فوضى ومزاجية..
معظم المراكز الصحية في المدن والأرياف تحت سيطرة الاحتلال، وبالتالي لا يخلو الأمر من وجود فوضى ومزاجية في تحديد أجور المعاينة الطبية في العيادات الخاصة بسبب عدم وجود معايير وأسس محددة وموحدة، ما زاد من معاناة ووجع المواطنين حيث أصبحت زيارة عيادة الطبيب هماً يثقل كاهل المواطن وزيارة الطبيب أصبحت عبئاً ثقيلاً نتيجة ارتفاع أجور المعاينات الطبية بشكل مبالغ فيه من قبل بعض الأطباء وفي أحيانٍ كثيرة يمتنع المريض عن الذهاب لعيادة الطبيب بسبب ذلك إلاّ في الحالات الضرورية جداً.
التعرفة الرسمية 700 ليرة..
لكن من جانب آخر يرى البعض الأمور بمنظار الإنصاف فيقولون صحيح أنّ مهنة الطب إنسانية ومن المفترض ألاّ تخضع للتجاذب وتأثير السوق، لكن في النهاية هناك واقع يعيشه الأطباء كغيرهم من البشر، فالإنسانية وحدها لا تكفل للطبيب حياة جيدة ولو بالحد الأدنى، فهي تحتاج لدخل يتناسب وسنوات الدراسة والعمل والجهد، ومن غير المعقول أن تبقى تعرفة الطبيب الرسمية 700 ليرة ولا تخضع لتعديل منذ سنوات.
المريض مضطر للدفع:
في حين يرى عدد من المواطنين أن العيادات الخاصة تتقاضى الأجور التي تريدها ويجد المريض نفسه مضطراً للدفع بعدما يتلقى العلاج ولذلك لا بد أن تكون هناك أجور معدة مسبقاً من الجهة المختصة تحدد بموجبها الأجور التي يحق للطبيب الخاص تقاضيها.
الأطباء متهمون بذنب غيرهم :
عدد من الأطباء عَبروا عن ارتياحهم لطرح هذا الموضوع من خلال الحوار، وقالوا إن شرح الواقع على حقيقته يعزز الثقة بين الأطباء والناس، ولذلك فإن من الأمور التي يجب أن يعرفها الجميع أن أجور المعاينة 700 ليرة حسب قرار عام 2004 المتضمن التعرفة الطبية للمعاينات، ومنذ ذلك التاريخ لم يتم تعديل التعرفة رغم غلاء المعيشة وغلاء جميع المواد والوسائل التشخيصية التي تقدم للمريض، وإن الأطباء يتأثرون بالأوضاع الاقتصادية الصعبة كبقية الأفراد في المجتمع.
وللأطباء معاناتهم وعليهم أعباء:
وربما ليس الجميع بصورة الأعباء المادية التي يتحملها الطبيب الذي يدفع تكاليف العيادة من إيجار واشتراك كهرباء ورواتب للممرضين العاملين معه، وانترنت، واليوم نتيجة ظروف الحرب العدوانية وأيضاً كورونا أضافت أعباء مادية جديدة منها مواد التعقيم، وزيادة قيمة المواد ضمن العيادة أضعافا مضاعفة وإن كل الأسعار والأجور تضاعفت عشرات المرات في السنوات الأخيرة، في حين بقيت معاينة الطبيب الاختصاصي رسمياً ٧٠٠ ليرة، ولذلك هناك من يجد المعاينات مرتفعة بالنسبة إلى شريحة واسعة من المواطنين لكن يمكن لهؤلاء مراجعة المشافي العامة والمراكز الصحية فهي بالمجان ومتاحة للجميع وفيها عيادات من كل التخصصات لكن هذا أيضاً لم يعد متاحاً كما كان سابقاً قبل الحرب العدوانية على سورية.
النفوس تبادر للحل .. لكن المشكلة في النصوص:
واستجابة لكل ما يتم تداوله دعا محافظ الحسكة اللواء غسان خليل لاجتماع مع نقابة الأطباء بحضور مدير الصحة لمناقشة أجور المعاينات الطبية وإمكانية وضع تسعيرة موحدة ومساعدة المواطنين ومراعاة ظروفهم المعيشية الحالية انطلاقا من الواجب الإنساني لمزاولة مهنة الطب، إضافة إلى ضرورة توحيد سعر مبيع الأدوية في الصيدليات وإلزامها بالتسعيرة المحددة للبيع تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الصيادلة الذين لا يلتزمون بسعر المبيع، وأكد السيد المحافظ استعداد المحافظة لتقديم الدعم لنقل وتأمين الأدوية التي تخصصها وزارة الصحة إلى مديرية الصحة والمشافي والمراكز الصحية وأنه سيتم عقد لقاء قريب مع منظمة الصحة العالمية لتعزيز التعاون بين الجانبين وزيادة كميات الأدوية المقدمة للمحافظة والحرص على طلب الأدوية النوعية التي تحتاجها المراكز الصحية، وبهدف تطوير واقع الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين سيتم العمل بالتعاون مع المعنيين عن الواقع الصحي والجمعيات الخيرية والهيئات الإغاثية لفتح مراكز صحية جديدة في مختلف مناطق المحافظة تعزيزاً لجهود المراكز القائمة وسيتم تزويدها بالكوادر الطبية والأدوية المنوعة التي تقدم للمواطنين بشكل مجان.
تعديلها كل ثلاث سنوات..
رئيس فرع نقابة الأطباء بالحسكة قال: حسب قانون النقابة يجب أن تعدّل التعرفة الطبية كل ثلاث سنوات عن طريق لجان مشتركة بين النقابة ووزارة الصحة لكن الوزارة هي من تقرر وتصدر التعرفة الطبية، إلا إن النقابة ومن خلال المتابعة واللقاءات مع الأطباء تؤكد دائماً على مراعاة ظروف المواطنين ومساعدتهم وفق ما هو ممكن ومتاح، وأن هناك العديد من الأطباء لهم مبادرات إنسانية متعددة في هذا السياق سواء عبر المعاينة المجانية لمن تتطلب ظروفه المساعدة أو تخصيص يوم بالأسبوع للمعاينة المجانية في العيادات، أو حتى إجراء العمليات الجراحية مجاناً.
وماذا بعد؟؟
خلاصة القول إن ثمة شبه إجماع على وجود ظروف صعبة وضاغطة على المواطنين، وهناك معاناة حقيقية من أجور المعاينات الطبية العشوائية وربما تتفاقم المعاناة بوجود بعض الأطباء الذين يكون سقفهم أعلى بكثير من زملاء لهم نتيجة ضغط العمل وعدد المرضى في عياداتهم، لكن بالمقابل الأطباء لا يتحملون المسؤولية كلها لسببين أولهما الأعباء المادية المترتبة عليهم نتيجة ارتفاع أسعار المواد وتكاليف العيادات والأجهزة الموجودة فيها، والسبب الثاني عدم إيجاد ضوابط لأجور المعاينات من قبل وزارة الصحة بالتعاون مع نقابة الأطباء بما يتناسب مع الظروف الجديدة، ولعل السؤال المشروع هو: كل شيء خضع لارتفاع جنوني في الأسعار بينما بقيت تسعيرة وزارة الصحة على حالها، ولذلك كيف يمكن متابعة ومراقبة وضبط أجور المعاينات الطبية وقد بقيت على حالها منذ عام ٢٠٠٤ بدون أي نص أو قرار جديد ولا تزال على الورق فقط بينما الأجور الحقيقية حدث ولا حرج.