الثورة أون لاين – فاتن أحمد دعبول:
عندما يغادرنا الكبار، تتبعثر الكلمات وتنثر آهاتها على دروب الوداع الأخير، لتصحو من جديد على صدى آثارهم التي أنبتت الأمل في القلوب، وأضاءت عالما من الحب والجمال.
واليوم يقف الأصدقاء في حفل تأبين الشاعر الكبير فايز خضور، يعرضون نفحات من عبق ذكراه ومحطات من سيرته الذاتية وقصائده المحملة بالآلام تارة، والأمل في أحيان أخرى:
د. محمد الحوراني: الانتماء الحقيقي
وفي كلمته بين د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب أي فراغ تركه رحيل الشاعر فايز خضور وهو الذي حرص على أن يتطهر بالكلمات على مدار ستة عقود أو يزيد، وأسفر وضوؤه عن أيقونات في الثقافة السورية والشعر السوري سيخلدها التاريخ وتحفظها الأجيال.
وأضاف: استطاع الشاعر أن يزرع الأمل في النفوس رغم الألم الذي يعتصر معظم نصوصه، وقد اختار لقصائده لغة عالية جمعت بوح الأنبياء وتأمل الفلاسفة ورؤية الفنانين وشغف المحبين، وعلم الأجيال معنى الانحياز للكلمة الصادقة والانتماء الحقيقي. ووعد بدوره بطباعة ديوانه الأخير ليكون في متناول القراء في القادم من الأيام.
د. صفوان سلمان: مسكون بالانتماء
ورأى فيه د. صفوان سلمان رئيس المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي، عضو قيادة الجبهة الوطنية التقدمية، الشاعر النهضوي، وكل نبض من قصائده مسكون بالانتماء، وقد جمع في مسيرته القومية الاجتماعية الرؤية والإبداع مع الالتصاق بالتفاصيل اليومية للعمل القومي، ويحمل في فكره نظرة جديدة للحياة والكون، وتحضر الأسطورة في شعره لإيمانه بأن النهضة التي يعمل لانتصارها تستمد روحها من تاريخ الأمة ورجالاتها، ومن مآثرها الثقافية ومما خلده السوريون” أدباء وفنانين وقادة.”
حسين عبد الكريم: شاعر كبير
ويؤكد حسين عبد الكريم أن قدر الإبداع، التحية وليس التأبين، وفايز خضور شاعر كبير يقيم في جمر الكتابة، وصديق كبير، جنوني يجاور جنونه البصير، تتعلم من كرومه الكبيرة فنون اليفاعة الخضراء، مثقف بالقراءات والاعتداد اللغوي، يكتوي بالكحل حتى يبح صوت المحابر، تقاسما سنوات العمر بتفاصيلها كافة، تبدأ من مفترقات الكتابة ولاتنتهي عند لحظات تجمعهم على موائد الحياة المتنوعة.
يانا فايز خضور: إرثه الثقافي مهم جدا
وبينت ابنته يانا فايز خضور بأن والدها عاش حياة حافة بالتحديات والنضال والثبات على مبادئه الوطنية والقومية حتى آخر يوم في حياته، ولطالما أكد بأن الحياة كلها وقفة عز فقط،، وكانت الحقيقة والصدق هما أساس الشخصية القويمة” لا تكن إلا حقيقيا” كانت تلك كلماته الدائمة لنا، وترك لنا مكتبة تضم آلاف الكتب النادرة.
د. سعد الدين كليب: تجربة شعرية هامة
وعرض د. سعد الدين كليب لتجربة الشاعر الغنية” لغويا، إيقاعيا، تصويريا” من جهة، وفي التراسل الجمالي من جهة أخرى، وبين أن تجربة خضور واحدة من أهم التجارب الشعرية السورية والعربية في شعر الحداثة، بما انطوت عليه من تشكيلات لغوية وإيقاعية وتصويرية، ومن أشكال فنية غنية ومتنوعة، ومن قيم جمالية وثقافية وفكرية عصرية، ما أثرى حركة الشعر الحديث عامة.
د. بتول دراو: مخلص لشعره
وتقف د. بتول دراو عند بعض آرائه التي تعبر عن شخصيته الإنسانية والشعرية، فما يهتم به هو التخصص، فإما أن يكون شاعرا، أو لايكون، يدفعه في ذلك إخلاصه العميق ومحبته الكبيرة للشعر، يتضح ذلك من آرائه التي كان يطرحها في لقاءاته وقد انطلق فيها من الرؤى الجمالية الواعية في معالجة قضايا الشعر والشاعر، وجاء تركيزه على النص الشعري ووسطه، ثم كان ينتقل إلى العوالم المحيطة به، التي تشكل مجتمعة تلك التجربة الشعرية الحداثية.
د. نزار بريك هنيدي: تجربة شعرية رائدة
وبين د. نزار بريك هنيدي أن فايز خضور من أهم الشعراء الذين اشتغلوا على بنية نصوصهم الشعرية، وخاض غمارا كثيرة من التجارب الفنية والمغامرات اللغوية والإيقاعية والتخييلية، وامتاز بقدرته الفذة على تحويل تجاربه الشخصية بكل حدتها وآلامها إلى تجربة شعرية فنية تحمل صدق عواطفه ورهافة أحاسيسه ووحدة انفعالاته التي تنتقل توتراتها واهتزازاتها إلى أوتار قلوب المتلقين.
د. جمال أبو سمرة: بناء شعري متين
وتناول د. جمال أبو سمرة بناء القصيدة عند الشاعر فايز خضور ليصل إلى نتيجة مفادها أن خضور تخطى حدود القولبة الشعرية، ورأى ان التجربة الشعرية وحركة القصيدة الداخلية هي التي تحدد شكلها وبناءها الخارجي، وتحدو بالشاعر لينساق خلف عربتها، وهذا ما وشى به تنوع آليات البناء التي جاء بها شعره، فهو يملك أنواعا مختلفة تكشف قدراته الفنية المتنوعة.
شوقي بغدادي: شعره يحاكي شخصيته
وقرأ د. راتب سكر ما كتبه شوقي بغدادي في تأبينه للشاعر فايز خضور، وقدم خلالها دراسة نقدية لمجموعته الشعرية التي حملات عنوان” ثمار الجليد” ليشيد بأسلوب الشاعر وموهبته في اختيار الموضوعات والتعبير عنها لغويا، وكان يستخدم الأسلوب المجازي الماهر ويتقن في الآن نفسه استخدام اللغة والأفكار في تعابيره، وهذا التضاد في تركيب عنوان المجموعة الشعرية، يعبر عن تناقضات الحياة.
والمجموعة الشعرية تلك تكاد تمثل فايز خضور كاملا في أدائه الفني الرفيع للشعر، ويبدو هو وحده الشاعر الذي لم يعرف الموت، ولن يعرفه.