بناءُ الوعي الثقافيّ .. جسورٌ للمستقبل!!

الملحق الثقافي:حبيب الإبراهيم:
لا يمكن لأيّ مجتمعٍ من المجتمعات، أن ينهضَ ويتطوّرَ ويبني حضارته، ويرسم مستقبله المشرق، إلا بامتلاكهِ مقدّرات هذا البناء، ومقومات تلك الحضارة.. بناء الوعي الثقافيّ، ومدّ جسوره مع كافة المؤسسات، الثقافيّة والتربويّة والفكريّة، التي تقع عليها مسؤولية تحصين المجتمع ثقافياً وفكرياً، ونشر الفكر التنويريّ، ونبذ الإرهاب والفكر المتطرّف الهدّام، وبناء مداميك قويّة لمستقبله، ومُستقبل أجياله القادمة.
هذا الوعي لا يتأتّى آنياً، بل هو عمليّة تراكميّة مُستمرّة، عملية بناءٍ تتفاعل أركانها ومقوماتها، بحيث يُعطي كلّ منها الآخر، عوامل قوّته وتطوّره وتقدّمه واستمراريته، وصولاً إلى الغايات والأهداف الكبرى..
إن بناء هذا الوعي، ليس عمليّة فرديّة، أحاديّة الجانب، ترتبطُ بفترةٍ زمنيّة محدّدة، أو بمواسمٍ معيّنة، ولا تقع على عاتقِ جهةٍ ذات صلةٍ بالشأنِ الثقافي، الفكريّ، التربويّ فحسب!. بل هي مسؤوليّة مجتمعيّة، متكاملة، تتضافر جهود الجميع لإنجازها ونجاحها، عبر التواصل والتعاون بين تلك الجهات، وتعميق دورها، وتعزيز حضورها في المجتمع، وتأمين كافة مستلزمات تميّزها ونجاحها..
أيضاً، لا تقع عمليّة البناء هذه، على عاتقِ المُثقّف وحده، كونهُ الأكثر التصاقاً بالثقافة والفكر، وله باعٌ طويلٌ في الكتابة والتحليل، وإبداء الرأي، ولا لكونه يطرح قضايا فكريّة، معرفيّة، تنويريّة، عبرَ أنشطة ومنابر عديدة، فالمسؤولية تقع على عاتق المنظومة الفكريّة والثقافيّة والتربويّة والاجتماعيّة، بكافة مكوناتها، وصولاً إلى تجاوز الصعوبات والعثرات، التي تشكّل عاملاً هدّاماً للمجتمع، ولاسيما الفكر الظلاميّ المتطرف، الذي ولّد الإرهاب، والذي ينمو بسرعةٍ هائلة، في ظلّ غياب الوعيّ الثقافيّ، وانتشار الأمية والجهل، حيث تنتشر السلوكيات السلبية مثل اللامبالاة، الأنانية، الانهزاميّة، النظرة السلبية للأمور، التعصب، عدم احترام الرأي الآخر و.. وهي البيئة المناسبة لانتشار هذه الأفكار بسرعةٍ متناهية، وهذا ما حدث في الكثير من المجتمعات العربية، ومنها سورية، حيث وجد الإرهاب والفكر المتطرف ضالته في العديد من البيئات المحلية، التي عاثت المجموعات الإرهابية فيها خراباً وتدميراً.
بناء الوعي الثقافيّ، ينطلق بالدرجة الأولى، من غرس المبادئ والقيم والمفاهيم الوطنية، وتعزيز السلوكيات الإيجابية للأفراد، وتحديد الاتجاهات، ووضع استراتيجيّة وطنية، لهذا البناء الثقافيّ، الاجتماعيّ، البنيويّ، تتضافر من خلاله منظومات العمل المجتمعيّ، من مؤسساتٍ ثقافية، ومنظمات شعبية، ووزارات ذات صلة بالشأن الثقافيّ والفكريّ، مثل وزارة الثقافة، التربية، الإعلام، التعليم العالي و… والتنسيق فيما بينها، عبر أنشطة وفعاليات مشتركة، تشمل الفئات العمريّة كافة، مع التركيز على فئة الشباب، كونها الأكثر قدرة على الاستيعاب والبناء، وعدم اقتصار تلك الأنشطة على مراكز المدن، بل التوسّع فيها لتشمل القرى والأرياف البعيدة.
أساس بناء الوعي الثقافي، يرتبط بالدرجة الأول بمسألتين أساسيتين: الوعي والانتماء.. أي إدراك الفرد لقدراته الذاتية، وتوظيفها في عملية البناء هذه، فلا بناء دون إدراكٍ وانتماء، يحصّنان المنظومة الأخلاقية للفرد، الذي هو محور كلّ عملياتِ التنمية والبناء المعرفيّ، والقيميّ، والثقافيّ، والفكريّ..

التاريخ: الثلاثاء13-7-2021

رقم العدد :1054

 

آخر الأخبار
صناعة الكراهية والخطاب الطائفي.. تهديد للمجتمعات المحامي برجاس لـ الثورة: ضرورة وجود قانون واضح ومح... ألم تشبع الأرض من دماء السوريين؟! المستقبل لا يبنى على الكراهية والانتقام "أدباء غزة..الشّهداء" مآثر حبرٍ لن يجف تقديم الاعتراضات لنتائج مفاضلة الدراسات العليا غداً  ضخ المياه إلى القصاع وجناين الورد والزبلطاني بعد إصلاح العطل بن فرحان وباراك يبحثان خطوات دعم سوريا اقتصادياً وإنسانياً السلل الغذائية تصل إلى غير مستحقيها في وطى الخان  باللاذقية إجراءات لحماية المواقع الحكومية وتعزيز البنية الرقمية  منطقة حرة في إدلب تدخل حيز التنفيذ لتعزيز التعافي الاقتصادي The NewArab: المواقع النووية الإيرانية لم تتأثر كثيراً بعد الهجمات الإسرائيلية الهجمات الإسرائيلية تؤجل مؤتمر الأمم المتحدة حول حل الدولتين قداح يزود مستشفى درعا الوطني بـ 6 أجهزة غسيل كلى   تعبئة صهاريج الغاز من محطة بانياس لتوزيعها على المحافظات إسرائيل.. وحلم إسقاط النظام الإيراني هل بمقدور إسرائيل تدمير منشآت إيران النووية؟ الهجوم الإسرائيلي على إيران ويد أميركا الخفية صناعيو الشيخ نجار وباب الهوى يتبادلون الخبرات  وزير المالية من درعا : زيادة قريبة على الرواتب ..  وضع نظام ضريبي مناسب للجميع ودعم ريادة القطاع ال... المبعوث الأميركي يستذكر فظائع الحرس الثوري في سوريا   الحرب بين إسرائيل وإيران.. تحذيرات من مخاطر تسرب إشعاعات نووية