الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
تشكل الشعوب الحية بوعيها رافعة التقدم والنهوض الحضاري للأمة باعتبارها الهدف والأساس للبناء والتطور والإعمار.
من هنا كان تركيز السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته بعد أداء القسم الدستوري، على أهمية الشعب السوري الواعي في إنجاز التحولات، لأنه الشعب الذي حمى باقتناع واندفاع ووعي كامل وطنه، وفداه بدمه خلال عشر سنوات من الحرب، وكان على قدر مسؤوليته التاريخية حين صان الأمانة وحفظ العهد، وجسد الانتماء في أسمى معانيه والوحدة الوطنية في أبهى صورها، وأثبت للعالم أن سورية بصمود شعبها ووعيه كتبت ملاحم للتاريخ ليقرأ صفحاتها كل من يريد أن يتزود بدروس الشرف والعزة والكرامة والحرية الحقيقية.
ولأن الوعي هو أعلى حالات الرقي الإنساني في التعامل الفاعل مع التحديات والتصدي لها، باعتباره مبني على إعمال العقل والتفكير العلمي السليم في تحليل الأمور والتمييز فيما بينها واستقراء واستشراف آفاق جديدة للمستقبل، فقد أكد الرئيس الأسد على أهمية الوعي الشعبي لكونه الحصن الذي ينير درب المستقبل ويزيل الغشاوة عن العيون والغمة عن العقول، ويمنحنا القدرة على النظر لمستقبلنا وقراءته برؤية عميقة واضحة تحقق الأهداف المبتغاة.
فهذا الوعي يعتبر معيار نقيس به مدى قوتنا وقدرتنا على تحدي ومواجهة وهزيمة كل الصعاب، والمحافظة على الثوابت الوطنية، وهو الذي يمنح الشعوب القدرة على التمييز ما بين الثوابت كالوطن والشعب، وما بين المتغيرات كالأشخاص والظروف، ما بين المصطلحات الحقيقية والوهمية، بين العمالة والمعارضة، بين الثورة والإرهاب، بين الخيانة والوطنية، بين إصلاح الداخل وتسليم الوطن للخارج، بين النزاع والعدوان، بين الحرب الأهلية والحرب الوجودية دفاعاً عن الوطن.
وعندما يتحلى الشعب بهذه الميزة يستطيع أن يتقدم بخطوات واثقة ثابتة نحو النصر والأمل المنشود والبناء، خطوات لا تعرف الهوان أو الاستسلام بل تتميز بالإصرار والعزيمة في طريقها نحو الحرية، فالشعوب الحية كما قال سيادته في خطاب القسم لا تتعب في سبيل حريتها مهما طال الطريق وصعب، ولا تهون عزيمتها أو تفتر همتها في الدفاع عن حقوقها مهما أعد المستعمرون من عدة التوحش والترهيب وعديد المرتزقة والمأجورين.
لقد وعى شعبنا في سورية خياراته الوطنية جيداً ودافع عنها وعرف طريقه نحو المستقبل فاستطاع أن ينتصر بفضل تماسك جبهته الداخلية وحكمة وشجاعة قائد الوطن وبسالة جيشنا العربي السوري إلى جانب وقوف الأصدقاء والحلفاء إلى جانبنا في هذه الحرب، وهو ما أكده خطاب القسم الذي جاء تجسيداً حياً لتطلعات شعبنا وأمنياته في مستقبل واعد ومنشود.