الملحق الثقافي:عيسى اسكندر علي:
«أوكونكو»: بطل رواية «الأشياء تتداعى» للكاتب النيجيري «تشينو أتشيبي»، وهي روايةٌ ألهمت كُثر من كتاب أفريقيا المقاومين للاستعمار الإنكليزي، وتُرجمت إلى جميع لغاتِ العالم، وكانت ردّاً أدبياً على الغزو الثقافيّ البريطانيّ، لروح الشعوبِ الإفريقية الممتزجة بالأرض والطبيعة.
«متعب الهزال»: بطل رواية «مدن الملح – التيه» للكاتب «عبد الرحمن منيف»، الذي صوّر بدوره، عمق الجرح وقساوة التغيّرات الكبيرة، التي أحدثها اكتشاف النفط، في روح الإنسان البدويّ الأصيل.. الروح الممزوجة برمالِ الصحراء ومياه واحاتها.
في كلتا الروايتين، نجد كفاح الرجل الصادق المنسجم مع عادات قبيلته، بعفويةِ ابن الأرض الحقيقيّ، وفطرته النقيّة.
نجد «أوكونكو» المصارع والبطل، يتقبّل العقوبة التي تفرضها أرواح الأجداد، عند مخالفته لأعراف القبيلة، حتى لو كانت العقوبة هي النفي سبع سنوات خارج قريته، لكنه يرفض بشدّة قوانين الرجل الإنكليزيّ الأبيض، ممثلة بسلطة المبشّرين ومحكمة المستعمر .
كذلك نجد «متعب الهزال» البدوي المتماهي مع روح الصحراء ورمالها، يقبل بشظفِ العيش وقساوة الفقر، لكن فطرته البدوية السليمة، تجعله يرفض بشدّة، التغيير القادم مع شركات النفط الأميركية، ويرى القادمين شياطين من عالم الجن، ويعمل بحماسة وصدقٍ لمقاومتهم.
«أوكونكو» يعاني من انحيازِ أبناء قبيلته إلى جانب المستعمر الإنكليزي، متمثلين بالمبشرين والرجل الأبيض، كذلك «متعب الهزال» يعاني من تحالف شيوخ القبائل والواحات مع أبناء الجن «شركات النفط الأميركية» بعد أن استهوتهم الرفاهية الكاذبة.
يدعو أبناء قبيلته لمحاربة الدخلاء، ولا يلقى استجابة من أحدٍ فيقوم بقتل الساعي المرسل من الرجل الأبيض، ثم يشنق نفسه على شجرة، ويبقى معلقاً عليها لأن أحداً من أبناء القبيلة، لا يجرؤ على دفن رجل قتل نفسه، وذلك اعتقاداً منهم أن اللعنة ستحلّ عليهم، وينزل بهم غضب آلهة الأجداد وأرواحهم.
كذلك «متعب الهزال» ينتهي به الأمر بالضياع والتيه في الصحراء.
في كلتا الروايتين، ينتصر الاستعمار المقنّع «سواء بالتبشير بدينٍ جديد كما في إفريقيا، أم بالنفط والثروة كما في الجزيرة العربية». ينتصر هذا الاستعمار عن طريق اختراقه لقسم من أبناء الأرض الأصليين، وانحيازهم له بعد انبهارهم ببريق الحضارة الزائف.
هكذا تداعت الأوطان وتاهت الأرواح.
التاريخ: الثلاثاء14-9-2021
رقم العدد :1063