الثورة أون لاين – حمص – رفاه الدروبي:
وقف باقتدار كعادته ثابت الخطا كي يطرق باب المسرح ويفتحه على مصراعيه لأنه أبو الفنون ويشكل علاقة وثيقة بين كادر العمل والجمهور كانت السردة ضمن الحلقة الخامسة مع فريق مدى الثقافي لعرض “تجربةٍ شخصية في المسرح للدكتور سامر عمران” وبإشراف المخرج حسن عكلا في حديث الأربعاء ضمه مسرح سامي الدروبي في قصر الثقافة بحمص.
بدأ المخرج عكلا حديثه داعياً إلى إشعال أضواء المسرح فالعتمة تزداد صلفاً والظلام يشتد ويحتاج الضوء كي يقرأ ويرى بعضنا بعضاً كما ينبغي للرؤية أن تتحقق تحت الضوء في العقول والوجدان والضمائر حتى يتألق البريق في أحداق الأطفال ويشعُّ نور العالم في كل مكان من كوكبنا وتفصح عن نفسها تلقائياً تجليات الثقافة والمعرفة والفن خير وجمال وحب وأمنٌ وسلام وبوابة إشراق. لافتاً إلى أنَّ المعرفة نور ولا ظلام ينكشف عن نورها القادم وإشعال الضوء كي لا يضل القادم الجميل طريقه منوهاً أنَّ الثقافة حضارة وحضور إنسان حي منفتح يزهر ويزدهي تحت الضوء فراية الثقافة أشرعة النور المبدعة حين تسرج في نسائمها فالمسرح حياة ولا بد أن يعتلي فرسان الخشبة ليقرعوا الأجراس ويعتلوا صهوات شخوصهم ليرسموا المشهد في مصقول مراياهم وعدم الانتظار لأنَّ الصورة ستكون معبرة في المشهد البصري وفي البعد أبعاد لحياتنا.
بينما أخذ المخرج سامر عمران دفة الحديث متناولاً تجربته المسرحية بعمق حيث انتبه إلى أهمية التمييز بين نوعية الجمهور والأعمال المقدمة وبأنّ العرض له شرائح محددة وعلاقته تحتاج لإعادة نظر فيها ولا بد للمسرح من التطرق إلى قضايا ومشاكل أكثر عمقاً ثم أردف عن نضوج الأفكار لديه بعد سفره خارج القطر للنهل من بحر العلم حتى أصبح لديه تلاقح أفكار وتوجه للبحث والتريث باختيار مواده بعناية فائقة فطرح تجربته مع فن الإيماء في المعهد المسرحي العالي حيث قدم مشروعاً مختلفاً كلياً رغم تقليديته لكنه أعاد ترتيبه على مستوى الشكل مقدماً مشاهد إيمائية واعتبره عرضاً لطيفاً أظهر فناً جديداً في سورية عمره مئة عام وانتهى في أوربا ما دفعه لإعادة النظر بالأشياء وطرح تجربته على ذوي الخبرة من نقاد ومخرجين بتقديمه مسرحاً مغايراً وخروجه عن النمط التقليدي.
فيما تناول خلال حديثه أهمية الدخول إلى أعماق الناس ومكنوناتهم من خلال ترجمته لأحد الأعمال البولونية بمسرحية “الحدث السعيد” فوجد أنَّه لاقى استحساناً لدى النقاد والمخرجين أيضاً بينما الناس ابتعدوا عنه خوفاً من جرأة الطرح وراح يغيّر أساليبه بكيفية تكوين علاقة بين العرض والجمهور على مستويات اللغة والشكل فكان عمله “المهاجران” المترجم أيضاً من الكتّاب البولونيين وقدم عرضه في ملجأ استمر مدة ثلاث ساعات برغم كل الظروف الصعبة للمكان لكن استمتع الحضور وشعروا بدقات قلوب الممثلين مشيراً خلال حديثه إلى أنَّه مؤمن من يخرج مسرحية دون انفعال سيدرك أن العمل يحمل في طياته أخطاء فنية فقمة النجاح عندما يخرج الجمهور من المسرح صامتاً ويحتاج لهنيهات حتى يستعيد ذاكرته بما فكر بسبب الانفعال المنقول لهم أثناء العرض.
انتقل الفنان سامر للحديث عن وضعه لمناهج الفنون المسرحية في معهد العاصمة والخاصة في اللاذقية وصادف خلال عمله كمدرس موهوبين لكن عندما يطرقون باب التلفزة كانوا يفشلون مؤكداً وجود خللٍ في المناهج يحتاج لتطوير الأدوات والأنماط الفنية بالمجتمع فوجّه أنظاره نحو نبش التراث الفني الدفين وإحيائه خاصة فن المنولوجست وقد كان موجوداً في خمسينات القرن الماضي لكنه تلاشى فعمل على تدريس التقنية ذاتها في المعهد بهدف بناء علاقة مع المتلقي وليكون أكثر قرباً منه فقدم أعمالاً مسرحية بصحبة كادر عمل من الممثلين قادرين على بناء علاقة وثيقة مع الجمهور.
فيما تطرق لمسرحية “رماد البنفسج” وكان العمل عبارة عن حوار بين الجمهور والممثل حتى أصبح جزءاً من العرض لأنه اختار النص بعناية على كافة المستويات: الإضاءة والديكور والممثلين والموسيقا وعمل على تقنية الممثل يقوم بدور الراوي والتعامل مع الناس مباشرة وفهم العلاقة بالشكل والمضمون.
خاتماً حديثه أن النجوم الكبار على الساحة الفنية واجهوا صعوبات كثيرة وعملوا على تطوير أدواتهم والفنان تيم حسن وباسل خياط أحد طلابه في المعهد المسرحي لم يصبحا نجمين من فراغ لقد جدّا واجتهدا ودرسا حتى وصلا إلى مكانة مرموقة على الساحة الفنية مشيراً إلى النجم بسام كوسا بأنَّه لم يتلق تعليمه في المعهد بل تدرّب على يد المخرج فواز الساجر والفنانة والمخرجة نائلة الأطرش ونجوم كبار حتى صقل موهبته وترى كثيراً من المواهب في وقتنا الراهن يرغبون بالوصول إلى مكانتهم دون بذل الجهد والتعب وطرق باب المسرح باعتباره المدرسة الأولى لمواجهة الجمهور.