الثورة أون لاين ـ رنا بدري سلوم
لابد من الاعتراف أن التجربة الأدبية لها مراحل نمو، قبل ولادة كائن أدبي يبصر النور سليم الخُلقة والبنية، فلماذا تستسهل لجان القراءة قبول منتج أدبي لايزال بغواً وترفض منتجاً آخر فتجهضه؟ في حين يلجأ كاتبه إلى كتّاب كبار لتقديم منتجه والتعريف به ليغدو كجواز سفر في عوالم الأدب!.
لم أوجه له السؤال جزافاً ، فهو صاحب تجربة “بائسة” في النشر إن صح التعبير، فالقاص والمحاضر وائل حمشو لم ير أن النضوج الإبداعي سبب رئيس في نشر المنتج الأدبي، بل هناك أسباب جمّة لابد من التطرق لها، فالثقافة برأي حمشو تروّض الأنا لا تضخمها وبالتالي ينشر أي موهوب كلمتين في كتاب، يرى نفسه شاعراً مخضرماً لسببين، أولاً: تدني مستوى الذائقة الثقافية عند القارئ وعدم تقبّل الكاتب النقد، وهو ما يفتقده مجتمعنا إلى نظرية المعرفة والتفكير النقدي، وثانيا ً الوساطات في النشر وهو ما أدخل أنصاف الموهوبين المثقفين إلى الساحة الأدبية وتصدّرها!.
كثر من الكتّاب الذين وجهوا أصابع الاتهام إلى لجان القراءة المسؤولة عن موافقة النشر، ومن هنا كان لابد أن نتوجه بالسؤال إلى أحد أعضاء لجان القراءة في اتحاد الكتاب العرب الأديب سهيل الذيب الذي بدا له أن الكاتب يتعجل النشر كي يرى آراء المتلقين بإنتاجه ويفخر بنفسه، وفي رأيه هذا من أهم الأسباب في تدني مستوى الأدب لأن الكاتب حين يتعجل النشر يفقد الكثير مما يجب عليه تقديمه، وباعتقاد الذيب أن سرعة النشر تؤدي إلى تدنّي مستوى المنتج الإبداعي بشكل عام وإن كان هناك استثناءات، هذه السرعة سببها الرئيس الحصول على الاعتراف به إبداعيا والشهرة اللا معنى لها في كثير من الأحيان لهذا ينصح الذيب كل مبتدئ أن يتمهل في نشر إنتاجه بحيث يعيد ويشطب وينقّح ليعطيه القدر الكافي من النضوج .
في المقابل ترفض لجنة القراءة المنتج الأدبي لعدة أسباب يشير إليها الذيب: أولها ركاكة المنتج من حيث اللغة والأخطاء النحوية واللغوية، ثانيا كثرة النصوص التي لا يعرف الكاتب أن يصيغها بالشكل السليم أسلوباً وسبكاً متقناً بحيث يكون النص ضعيفاً واهناً لا يرقى إلى النصوص الناضجة، ثالثاً لدينا قيم مجتمعية وسياسية وأخلاقية لا يجوز لنا تجاوزها قرأت روايات جميلة جداً، وكتابها مبدعون حقا لكنني اضطررت إلى رفضها بسبب تجاوزها لرموزنا التي لا نرضى أن تمس.
وعن تدخل المحسوبيات والوساطات في الحصول على موافقة النشر يشير الذيب إلى أنها قد تلعب دورا في نشر الغث الركيك أحياناً وهذا يعود للقارئ الذي لا يمتلك النزاهة الخلقية لذلك يسهم في تردي قيمة الإبداع وأهميته، لذلك لا يجوز الموافقة على نص ركيك بسبب العلاقة أو الصداقة أو الهدايا والرشاوى.. خاتماً الذيب بالقول: باختصار النص الجيد يفرض نفسه والنص الرديء نعيده إلى مؤلفه لعله يحسنه.
في حين يلجأ الكاتب المبتدئ إلى كتّاب مخضرمين يقدمون منتجه ” وهذا الأمر كان له دور كبير في رداءة المنتج الأدبي عند القارئ! إن هذه الظاهرة النفاقية التي نستغربها أصبحت شائعة بين معظم الكتّاب” ، وفقاً للناقد محمد عيسى الذي يتساءل: ما حاجة كاتب مصنف كأديب كبير ليقدم هذا النفاق المجاني؟! وبرأيه أن الكاتب المبتدئ الذي يبحث عمن يكتب له مقدمة قد يكون غير واثق من نفسه وغير مقتنع بما يكتبه ودليل على عدم نضوج الإبداع لديه،
ددوبالتالي يتسوّل المقدمة من قبل أديب معروف ظناً منه أن هذا سيقنع القارىء بنصه وبالتالي يحصل على موافقة النشر من ثم يحجز لنفسه مكانة في الساحة الأدبية، ويعتبر الناقد محمد عيسى أن ظاهرة تقديم (مدائح) مجانية للأعمال الأدبية لكتّاب جدد أو كاتبات من قبل أدباء كبار قد ساهمت في خداع الجيل الجديد بحيث أفهمته أن هذا هو الإبداع الحقيقي.