قضايا الشّعر في الوقتِ الراهن

 الملحق الثقافي:محمد خالد الخضر:

قبل أن نتكلّم عن الشّعر، لا بدّ من تفسيرٍ لمعنى الشّعر، وما يجب أن يذهب إليه.. فالشّعر هو الإحساس والعلم والفطنة، ومنه ليت شعري.. أي ليتني أشعر وأعلم، وهو الكلام الجميل، الموزون، المقفّى، المعبر عن إحساسِ الشّاعر، وإدراك الذات والأحوال.
هذا التعريف والمعنى، ينطبق في عصرِ ما قبل الإسلام، على قول «عنترة العبسي» إلى حبيبته «عبلة»:
«أحبُّكِ يا ظَلومُ فأنتِ عندي/ مكانَ الرّوحِ من جَسدِ الجبانِ
ولو أنّي أقولُ مكانَ روحي / خشيتُ عليكِ بادِرةَ الطِعانِ»
وقبلهُ في الحكمة قول «الشنفرى»:
«وإن مُدّتْ الأيدي إلى الزّادِ لم أكن / بأعجلهم، إذ أجْشعُ القومِ أعجلُ».
وفي العصر الأموي، قول «جميل بثينة» إلى حبيبته:
«وأوّلُ ما قادَ المودّةَ بيننا / بوادي بغيضٍ يا بثينَ سبابُ».
وهكذا، إلى أن نصل إلى العصر الحديث، ونقف مدهوشين أمام بيت «نزار قباني» في رثاء «جمال عبد الناصر»:
«زمانُكَ بستانٌ وعصرُكَ أخضرُ/ وذِكراكَ عُصفورٌ من القلبِ يَنقرُ»
وقبل أن أدخل في الموضوع، تعالوا نقرأ معاً بيت «الجواهري»:
«وحين تطغَى على الحرّانِ جمرتهُ / فالصّمتُ أفضلُ ما يُطوى عليهِ فمُ».
مرّت الأيام، وبدأت التحوّلات والمتغيّرات، تأخذ دوراً ليس عادياً حول الشّعر، وتشتغل لأسبابٍ كثيرة في أسسه وبنيانه، ولا يمكن أن ننكر أن شعر التفعيلة، ورغم أنه ارتكز في تطلعاته الجديدة، على جزءٍ من الشطرين، فلم يتمكّن من تطلعاته، فأخذ تفعيلةٍ واحدة دون أن يلتزم الشّاعر بعدد التفعيلات في كلّ شطرٍ يكتبه، وقد ترهقه أحياناً التفعيلة فيعتمد على تفعيلاتٍ متعددة، ونجح «محمود درويش» في استخدام التفعيلة، ونجح «مظفر النواب» في استخدام تفعيلاتٍ، وكلاهما لم يتمكّن من متابعة التعامل مع الشطرين، وهذا ما أثبتته التجربة.. رغم ذلك، إلا أن موضوعنا ليس هنا، لأن كلّ هؤلاء حققوا حضوراً ليس قليلاً، سواء بثقافتهم أو بدعم سواهم لهم..
عندما بدأت المؤامرة تحاك ضد سورية، وانشغلت في مواجهةِ أعتى تركيبةٍ صهيونية، حاول العالم العربي وسواه أن يبثّ وينشر الفوضى الثقافية، وخاصة في مجال الشّعر كونه يؤثّر في عاطفة الآخر، وبدأ ينتشر نمطٌ لا أساس له ولا قاعدة، فالمشكلة أن أشباه الشعراء في اللباس، أو الذين تجاوزوا الشعراء حتى في هذه الظاهرة، يظنّون أن السجع شعرٌ، وقد صدّق هؤلاء بأنهم شعراء، فتمدّدوا على المنابر، وتجرؤوا أحياناً على الإعلام، وخاصة أن الطرف الآخر الذي يشكّله النقاد، أصبح يشكّل فقط، نوعاً من الصّدى تحت تسمية النقد، باستخدام ألفاظ وحركات أصابع، توحي إلى الحضور أن هذا نوع من النقد. لكن، لا موسيقا ولا معنى ولا مبنى ولا عاطفة، والأشدّ وجعاً من ذلك، أن هناك قرّاء في لجانِ الموافقة على الطباعة، يجيزون مثل هذه الورطات. الأصعب من ذلك، أن من ينشر كتاباً في هذا المنطوق الموجع، يعرف من أجاز له كتابه، وهذه طامةٌ كبرى..
وليس هذا فحسب، بل أصبح عدد الناثرين أكثر من تسعين بالمئة، على رفع المنصوب ونصب المجرور، وهؤلاء أمام العيان وتحت الأضواء، هم على قيد الثقافة، ولابدَّ من قادمٍ نكتب عنه أكثر، وكلّ رجائي ألا نصل إلى ما قاله الشاعر «عمر أبو ريشة»:
«يا أمّة رَضيتْ بالعارِ فانطلقتْ / فيكِ الطواغيتُ تحطيماً وتهديما
لا تعجبي من سكوتي مطرقاً خجلاً / إن الصّواريخ لا تؤذي الجراثيما»..

التاريخ: الثلاثاء26-10-2021

رقم العدد :1069

 

آخر الأخبار
بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة