أصواتٌ لا يمكن إعارتها لأحد

الملحق الثقافي:ميثاء محمود:

«عندما نقرأ أو نتأمّل عملاً فنيّاً لكاتبٍ جديد، يطغى على فكرنا السؤال: «لنرَ.. أيّ نوعٍ من الرجال أنت؟.. وفيما تمتاز عمّن نعرف؟.. وماذا تستطيع أن تضيف إلى الطريقة التي نرى بها حياتنا؟.. وإن وجّهنا السؤال إلى كاتبٍ كبير، لما سألناه من أنت، بل: لنرَ ما جدّدت؟.. وتحت أيّ ضوءٍ ستُرينا الحياة الآن»؟..
يشير الأديب الروسي الشهير «تولستوي» في قوله هذا، إلى أن لكلّ كاتبٍ أو أديبٍ، صوته الخاص وشخصيّته، وبأن أكثر ما يُبرز إبداع هذه الشخصيّة، هو ارتفاع هذا الصوت، الذي ومثلما لا يمكن إعارته لأحد، لا يمكن أيضاً، إعارة مساهمته التي هي موهبته، لأحد…
إنه ما ميّز شخصيّة هذا الأديب، وأبرز موهبته الإبداعيّة الكبيرة.. تلك التي كانت بالنسبة له، فنّاً عظيماً اعترف بقدرته على جعله يتواصل مع الآخرين، وبإحساسٍ وإن كان عميقاً ودقيقاً وأميناً لديه، إلا أنه كان لدى «دوستويفسكي» لا يكفي، فهو ورغم أهميّته، يحتاج للأهمِ منه، وهو أن ترافقه لغةٌ تتمكّن من العطاء الفنيّ، بطريقةٍ غير فوتوغرافيّة أو آلية…
يبدو أن للأديب «فلاديمير كورولنكو» رأياً آخر.. ذلك أنه يرى أن مهمة الأديب، وبالدرجة الأولى، هي أن يوجّه صوته مباشرة إلى القارئ، آخذاً بعين الاعتبار، فهم هذا القارئ ووعيه للقيم الثقافيّة والإبداعية.. يرى أيضاً، أن عليه كأديبٍ، بل على كلّ الأدباء والمؤلّفين، أن يشعروا بالآخرين، وأن يتساءلوا دوماً، إن كانت الآراء التي يقدمونها، والأحاسيس التي يبثّونها، والشخوص التي يتخيّلونها، تستطيع أن تتقدّم إلى القرّاء، فتصير أفكارهم وشخوصهم وأحاسيسهم..
لا شكّ أن سيرة وحياة كلّ كاتبٍ مبدعٍ من هؤلاء، أو حتى سواهم، لابدّ أن تنعكس على شخصيّته وموهبته وصوته الأدبي، مثلما على رؤيته لما يعيشه ويراه أو يجذبه، وكلنا نعرف أن الظروف والمعاناة التي عاشها «دوستويفسكي» في منفاه السيبيري، أو «بيت الأموات» كما سماه في رواية له، انعكست كثيراً على شخصيّته وصوته، وفي أكثرِ من عمل.. كلّنا يعرف أيضاً، أن الانفعالات والاضطرابات والحالات النفسية التي تعرّض لها «تولستوي»، كان لها شديد التأثير على مساهماته، وعلى صوته خاصة، في رائعته «الحرب والسلام» التي تناول فيها، جميع القضايا الاجتماعية والشخصية التي كانت تُقلقه، وتحرمه من السلام والهدوء..
كثُرٌ غير هؤلاء المبدعين، تأثروا بالحياة والتجارب والمعاناة والآلام الإنسانية والذاتية.. رفعوا أصواتهم ليعبّروا عن هذا التأثّر، فأثبتوا إبداع موهبتهم.. لقد تراكم كلّ ذلك في عقولهم وأحشائهم، إلى أن صار جزءاً منهم ومن أعمالهم.

التاريخ: الثلاثاء26-10-2021

رقم العدد :1069

 

آخر الأخبار
ابتكارات طلابية تحاكي سوق العمل في معرض تقاني دمشق  الخارجية تدين زيارة نتنياهو للجنوب السوري وتعتبرها انتهاكاً للسيادة  مندوب سوريا من مجلس الأمن: إسرائيل تؤجج الأوضاع وتضرب السلم الأهلي  الرئيس الشرع يضع تحديات القطاع المصرفي على الطاولة نوح يلماز يتولى منصب سفير تركيا في دمشق لأول مرة منذ 13 عاماً  الجيش السوري.. تحديات التأسيس ومآلات الاندماج في المشهد العسكري بين الاستثمار والجيوبوليتيك: مستقبل سوريا بعد رفع العقوبات الأميركية الأولمبي بعد معسكر الأردن يتطلع لآسيا بثقة جنوب سوريا.. هل تتحول الدوريات الروسية إلى ضمانة أمنية؟ "ميتا" ساحة معركة رقمية استغلها "داعش" في حملة ممنهجة ضد سوريا 600 رأس غنم لدعم مربي الماشية في عندان وحيان بريف حلب من الرياض إلى واشنطن تحول دراماتيكي: كيف غيرت السعودية الموقف الأميركي من سوريا؟ مصفاة حمص إلى الفرقلس خلال 3 سنوات... مشروع بطاقة 150 ألف برميل يومياً غياب الخدمات والدعم يواجهان العائدين إلى القصير في حمص تأهيل شامل يعيد الحياة لسوق السمك في اللاذقية دمشق.. تحت ضوء الإشارة البانورامية الجديدة منحة النفط السعودية تشغل مصفاة بانياس لأكثر من شهر مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز انطلاقة جديدة لقطاع الطاقة.. شراكات عالمية قد تفتح الباب لزيادة قياسية في الإنتاج محطة ترحيل النفايات في بانياس تعمل بكامل طاقتها