الثورة أون لاين :
وسط التوترات المتزايدة بين أكبر قطبين اقتصاديين على مستوى العالم وإصرار الولايات المتحدة الاستمرار بسياسات عدائية لا طائل منها عقد الرئيسان الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي جو بايدن أول قمة افتراضية بينهما ركزت على السعي لتهدئة التوتر والتقارب وان كان بطريقة حذرة.
القمة التي جاءت في وقت صعدت فيه واشنطن سياساتها الاستفزازية وتدخلاتها في شؤون الصين خلال الأشهر الماضية حملت نبرة إيجابية من كلا الجانبين الصيني والأمريكي وبدت محاولات التقارب واضحة ولا سيما من قبل بايدن الذي كان وفقاً لتحليل نشرته وكالة اسوشيتيد برس يتطلع إلى إيجاد مقياس للتوازن في القضية الأكثر أهمية في السياسة الخارجية في ظل تراجع شعبيته بشكل كبير بين الأمريكيين.
بايدن ورغم وعوده بإحداث تغييرات نوعية في سياسة الولايات المتحدة الخارجية وإصلاح ما افسده سلفه دونالد ترامب من دبلوماسيات مع دول حليفة وغير حليفة للولايات المتحدة إلا أنه ظل مصراً على السياسات الأمريكية العدائية تجاه الصين ولم يقتصر على ذلك فقط بل وصف المنافسة مع بكين بأنها “أكبر اختبار جيوسياسي” في القرن الحالي كما أكد قبل أسبوع تمسك إدارته بالحظر الذي فرضته إدارة سلفه ترامب على الاستثمارات الأمريكية في الشركات الصينية.
القمة الأولى بين الجانبين التي جاءت بعد تبني بايدن نهجا واضح المنافسة مع بكين ولا سيما من خلال الاتفاق العسكري المعلن بين واشنطن واستراليا وبريطانيا في المحيطين الهندي والهادئ خلصت حسب اسوشيتيد برس إلى اتفاق على الحاجة إلى التعامل بحذر.
وبينما دعا شي إلى تطوير علاقات سليمة ومستقرة تقوم على الاحترام المتبادل وبما يخدم مصالح البلدين فإنه حذر من أن بلاده “قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات صارمة في حال قامت القوى الانفصالية في تايوان بالاستفزاز أو تجاوز الخط الأحمر مؤكداً أن السعي لتحقيق استقلال تايوان هو لعب بالنار” معرباً في الوقت ذاته عن رفضه استخدام مسالة حقوق الإنسان كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وهو أمر يصب في صلب السياسة الأمريكية.
وعلى الرغم من ان القمة الصينية الأمريكية لم تنته بتحقيق اختراقات كبيرة إلا أن محللين يرونها مؤشراً واضحاً على إدراك إدارة بايدن أن سياسة العداء والتعنت إزاء الصين واقتصادها القوي عقيمة وغير عقلانية في وقت أثبت الاقتصاد الصيني فيه مقدراته خلال أزمة كورونا وأظهرت بيانات حديثة ارتفاع الصادرات الصينية إلى الخارج بشكل قياسي هذا العام مقابل عجز قياسي في الميزان التجاري للولايات المتحدة.
ومع الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها بايدن في الداخل وفشله في التعامل مع ملفات كثيرة على رأسها أفغانستان وعجز الاقتصاد الأمريكي وما يضاف إلى ذلك من انخفاض شعبيته وتراجعها بحسب أحدث استطلاعات الرأي والهجمات الشرسة التي يواجهها من قبل الجمهوريين الذين يرفضون سياسته فيما يتعلق بمواجهة فيروس كورونا وفرض اللقاح فإن تخفيف حدة السياسات العدائية مع الصين ومحاولات تهدئة الجبهات الخارجية يبدو أمراً لا مفر منه.