الثورة – عبد الحليم سعود:
يوما بعد يوم تثبت الولايات المتحدة الأميركية على اختلاف الإدارات التي تحكم في البيت الأبيض أنها دولة مراوغة منافقة ومخادعة لا تحكمها أية مبادئ أو قيم أو أخلاقيات وأن ساستها يقولون ويصرحون عكس ما ينوون فعله، فعندما يتحدثون عن الدبلوماسية لحل قضية أو أزمة ما فإن الخيار العسكري يكون على الطاولة وقد يسبق الدبلوماسية أحياناً، فقد أوردت وكالة رويترز تقريرا صحفياً يؤكد فيه مسؤول أمريكي لم يكشف عن هويته، وجود خطط لتدريبات عسكرية محتملة ومشتركة بين “إسرائيل” والولايات المتحدة، تحضيرا لأسوأ سيناريو ممكن لتدمير المنشآت النووية الإيرانية في حال أخفقت الدبلوماسية.
هذا التصريح يكشف عن نية أميركية مبيتة لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية، بغض النظر عن نجاح أو فشل مفاوضات فيينا، وأن الإدارة الأميركية الحالية قد خضعت للضغوط الإسرائيلية رغم تكرارها القول بأنها تريد العودة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015 والذي خرجت منه إدارة ترامب بضغط إسرائيلي آنذاك.
تصريح المسؤول الأميركي جاء متزامنا مع زيارة يقوم بها وزير الحرب الصهيوني بيني غانتس للولايات المتحدة، وفي أعقاب إفادة قدمها القادة في وزارة الحرب الأمريكية (البنتاغون) لمستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان بشأن مجمل الخيارات العسكرية المتاحة لضمان عدم تمكن إيران من صنع سلاح نووي.
الملفت أن المسؤول الأميركي يعتبر مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية ضمن أسوأ السيناريوهات التي سيتم اللجوء إليها لمنع إيران – على حد زعمه – من صنع سلاح نووي، والمفارقة أنه يتم التنسيق لهذا الخيار السيئ مع كيان إرهابي يمتلك حسب التسريبات أكثر من مئتي رأس نووي مذخرة ومعدة للإطلاق في اتجاهات وعواصم مختلفة.
تسريب النية باستهداف منشآت إيران النووية في أوج مفاوضات فيينا وتقديم إيران اقتراحات متعددة لإنجاح المفاوضات من أجل الوصول إلى اتفاق جديد يضمن حقوق إيران بالطاقة النووية السلمية بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعدم انحراف برنامجها عن مساره السلمي في مقابل رفع العقوبات الظالمة المفروضة على شعبها، الغاية منه إرهاب إيران وتخويفها من هذا السيناريو من أجل التنازل عن حقوق شعبها في الحصول على الطاقة النووية السلمية وإرغامها على توقيع اتفاق جديد يلبي المصالح الإسرائيلية دون رفع العقوبات عنها، غير أن إيران ليست في هذا الوارد مطلقا، وهي لم تعد إلى المفاوضات بسبب الخوف من مهاجمتها بل لأنها تؤمن بالدبلوماسية سبيلاً لحل هذه القضية.
يذكر أن اتفاق 2015 النووي رفع العقوبات عن إيران مقابل فرض حدود صارمة على أنشطة تخصيب اليورانيوم في منشآت إيران النووية بما ينسجم مع حقوقها، وقد التزمت به إيران إلا أن الولايات المتحدة هي التي انسحبت منه خلال إدارة ترامب ووضعت شروطا جديدة من أجل العودة إليها اعتبرتها إيران غير شرعية وغير قانونية، في حين لعب الكيان الصهيوني دورا تخريبيا تصعيدياً في هذا الإطار من خلال استهداف علماء إيرانيين على صلة بالبرنامج النووي بالاغتيال والقيام بأعمال تخريبية ضد المنشآت الإيرانية، ولكنها لم تؤثر في تصميم إيران على التمسك بكامل حقوقها النووية في الحصول على الطاقة السلمية ورفع كامل العقوبات الأميركية عن شعبها.