الثورة – سامر البوظة:
تواصل الولايات المتحدة الأميركية بكل وقاحة كذبها ونفاقها على العالم دون أدنى خجل, فعندما تدعو واشنطن إلى عقد قمة افتراضية “من أجل الديمقراطية”, كما أسمتها, وتعلن نفسها قائدا لهذه لقمة, فهذه قمة النفاق، خاصة وأن أميركا بعيدة كل البعد عن هذا الشعار الزائف الذي حاولت تسويقه للعالم وهي أول من يفتقده, وآخر من يحق له التحدث فيه, والأمور معروفة للجميع ولا تحتاج إلى إثباتات أو براهين, ولعل الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة وما رافقها من أحداث أبلغ دليل.
هي مهزلة سياسية أميركية جديدة بكل معنى الكلمة, فهذه الـ”قمة” المزعومة التي دعت لاستضافتها الولايات المتحدة لا يمكن أن يكون لها علاقة بالديمقراطية, والمثير للسخرية أن أميركا التي تنظم هذا المؤتمر هي أكثر بلد انتهاكا للديمقراطية في العالم وهي أم الإرهاب والراعي الأول له, وهي من تفتعل الحروب وتقتل الأطفال وتحتل البلدان وتسرق مقدراتها وتشرد شعوبها تحت حجج وذرائع كاذبة أبرزها “نشر الديمقراطية”, فكذبة “الديمقراطية” كانت أحد الأسلحة التي تستثمرها واشنطن في حروبها العبثية التي افتعلتها في غير مكان من العالم واستخدمتها كأداة للضغط وغطاء لتنفيذ أجنداتها ومخططاتها الاستعمارية الخبيثة وفرض سطوتها وهيمنتها على العالم, وهذا أمر لم يعد خافيا على أحد.
اللافت في الموضوع أن المؤتمر الذي دعت إليه واشنطن عبر تقنية الفيديو، تشارك فيه العديد من الدول باستثناء الدول المناهضة للسياسات الأميركية كروسيا والصين، وهذا السلوك الأميركي يطرح العديد من التساؤلات ويضع علامات استفهام حول الهدف الحقيقي من وراء عقد المؤتمر إذا كان يقوم على الأنانية وسياسة إقصاء الآخر, إلا أنه يفضح في نفس الوقت النوايا الأميركية الحقيقية ويدلل بشكل واضح إلى العداوة الدفينة مع هذين البلدين اللذين يقفان حجر عثرة أمام مشاريع الهيمنة والبلطجة الأميركية، وهذا السلوك بكل تأكيد لا يخرج عن سياق المواجهة والحرب الباردة الدائرة معهما, الذي تكشف من خلاله واشنطن عن سعيها للبحث عن اصطفافات جديدة تزيد من خلالها الضغط على موسكو وبكين, الأمر الذي يثير الانقسامات والنزاعات في المجتمع الدولي, لتبقى هي المسيطرة وتفرض سطوتها وهيمنتها لتمرر أجنداتها ومشاريعها, وهو ما تبحث عنه .
بالمحصلة، وقبل انتظار مخرجات ونتائج هذا المؤتمر التي تبدو واضحة المعالم حتى قبل أن يبدأ, يمكن القول إن هذا المؤتمر “المسيس” لن يقدم ولن يؤخر في شيء, لأن “فاقد الشيء لا يعطيه”, فالولايات المتحدة لها تاريخ وسجل حافل في انتهاك حقوق الإنسان ولا يمكن الوثوق بها وبأفعالها مهما فعلت أو حاولت أن تلمع من صورتها المشوهة.
