الثورة – عبد الحليم سعود:
بعد أكثر من عامين على ظهور وباء كورونا وتفشيه في أربع جهات الأرض دون أن يفرق بين دولة وأخرى، وتسببه بوفاة أكثر من خمسة ملايين إنسان حول العالم (منها أكثر 800 ألف وفاة في الولايات المتحدة الأميركية لوحدها)، ما زال العالم يكافح للحد من انتشار الوباء والتقليل من تداعياته الصحية والاقتصادية، حيث تسبب التفشي السريع للوباء بانهيارات صحية واقتصادية في العديد من البلدان نتيجة ضعف النظام الصحي لديها والحاجة لحظر النشاطات الاقتصادية لتقليل عدد الإصابات.
وبالرغم من إنتاج لقاحات عديدة للوقاية من الفايروس (روسية صينية أوروبية وأميركية)، فما زال الفايروس يحور نفسه منتجاً سلالات جديدة كان آخرها المتحور الجديد أوميكرون، ما يعني الحاجة للمزيد من إجراءات الوقاية والمسارعة لأخذ اللقاحات وأخذ الاحتياطات اللازمة لمنع المزيد من الإصابات، وفي هذا السياق ذكرت منظمة الصحة العالمية أن 89 دولة رصدت إصابات بالمتحور أوميكرون، مشيرة إلى أن عدد الإصابات تضاعف خلال أيام قليلة في المناطق التي تشهد تفشياً محلياً، وكانت المنظمة قد صنفت المتحور قبل نحو شهر بأنه مثير للقلق، حيث لا يزال الكثير من المعلومات المتعلقة به غير واضحة أو مؤكدة بما فيها الأعراض الناجمة عنه، وقد لا نتفاجأ بظهور متحورات جديدة أكثر خطورة في المرحلة القادمة إذا استمر التعاطي العالمي مع هذا الوباء بنفس السلبية، ولم تتضافر الجهود الدولية بشكل جماعي للمواجهة.
المفارقة المستغربة، بالرغم من زيادة عدد الإصابات والوفيات (274 أكثر من مليون إصابة ونحو 5.35 ملايين حالة وفاة)، ما زالت البشرية في جدل عقيم حول حقيقة الفيروس ومدى خطورته، حيث تكثر الشائعات والمعلومات المتضاربة ويكثر التوظيف السياسي، فبينما تجاوزت حملات التلقيح في الدّول المُتقدّمة نسبة الـ 80 بالمئة من السكان، ما زالت أعداد الذين تلقوا اللقاح في دول العالم الثّالث دون الـ 10 بالمئة فقط، وهذا مرده إلى ضعف أو انعدام ثقة الناس باللقاحات المنتجة والتأثر سلباً بما ينشر من معلومات مضللة حول ذلك، ومتاجرة بعض الدول الغربية بهذه الأزمة وعدم تعاونها بصورة إيجابية مع باقي دول العالم لمحاصرة الوباء.
بطبيعة الحال، لقد بات الوباء أمراً واقعاً وخرج من كونه مجرد حرب بيولوجية مسيسة للقضاء على فقراء العالم (كما يدعي البعض)، بدليل أعداد ضحاياه المتزايدة في الدول الغنية واكتشاف المزيد من متحوراته الخطيرة “دلتا وأوميكرون”، وهو ما يفرض وعياً مجتمعياً أكبر لمواجهة المخاطر، لجهة تلقي اللقاحات التي تتبناها وتوفرها الجهات الصحية المختصة والتزام أعلى درجات الوقاية المعلن عنها من قبل هذه الجهات.
ففي أوروبا تتجه العديد من الدول إلى تجريم عدم تلقي اللقاح، وهناك من يعتقد أن من يُعارض اللّقاح لم يَعُد يُواجه الموت فقط، وإنّما يُعرّض أرواح الآخَرين للخطر، ونشر الفيروس على نِطاقٍ واسِع أيضًا، ومن الضروري والملح أخذ الأمور بجدية ووعي أكبر لتجنب المزيد من التداعيات غير المتوقعة.
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن “أوميكرون” ينتشر على نحو سريع في البلدان التي فيها مستويات مرتفعة من التطعيم بين السكان، حيث ليس واضحاً ما إذا كان سبب ذلك هو قدرة الفيروس على مقاومة اللقاح أو قدرته المتزايدة على الانتشار أم الأمرين معاً.
وترى المنظمة أن ارتفاع معدل انتشار هذه السلالة من الفيروس مقارنة بالسلالات السابقة، سيؤدي إلى زيادة عدد حالات اللجوء للمستشفيات من أجل العلاج، وبالتالي زيادة العبء على القطاع الصحي وأنظمة الرعاية الصحية، وهذا الأمر بدوره يمكن أن يتسبب في زيادة في معدل الوفيات.